ستات ورجالة فوق الـ«70» يبحثون عن جواز الونس: «مين اللى ياخد بحسى؟»
بهية وزوجها
بتجاعيد حفرت أعمارهن على وجوههن، وابتسامة لم تغب عنهن لحظة، وذكريات كثيراً ما تطاردهن، فلكل منهن تجربتها الخاصة، بعضهن أنهى رسالته الحياتية مع أبنائه بمجرد أن أصبح لكل منهم أسرته المستقلة التى صارت شغله الشاغل، أو لسفر بعيد حجبه عن أمه فتركها وحيدة من بعده، لم يعد وجوده قرب أمه أو أبيه أمراً حتمياً، صارت اللقاءات متباعدة والمشاعر متحجرة، ليضطر بعضهم إلى اتخاذ قراره بالبحث عن أنيس يؤنس وحدته، تكون البداية بالوجود فى دور مسنين تجمع كبار السن معاً، لتدخل حياتهم تفاصيل جديدة كانت غائبة عنهم طيلة فترة وحدتهم بين أربعة جدران، لكن الجلوس بجانب الآخرين لم يكن كافياً للبعض، فبعضهن صرن فى حاجة إلى رجل يكون هو جليسهن، وخشونة صوته هى الأمان الذى يبحثن عنه، لتتآلف قلوبهن بقلوبهم فى لحظات نادرة لا يحتجن فيها سوى «من يأخذ بحسهن»، يتخذن قرار الزواج لسبب واحد فقط أو كما يسمينه «جواز الونس».
«بهية»: بحثت عمن يقف بجانبى وقت التعب.. و«فتحى»: إيه المشكلة أتجوز وأنا عندى 80 سنة المهم أحس بالدفء معاها
داخل «منتجع صحى» بالهرم، بدأت الحكاية التى عاشتها بهية فؤاد، البالغة من العمر 75 عاماً، 7 سنوات كاملة كانت عمر زيجتها، ليرحل زوجها ويترك لها كماً من الحكايات والذكريات لا تزال عالقة فى ذهنها، تقول: «ماكنش فى دماغى الجواز، بس حسيت إنى عايزة حد ياخد بحسى وآخد بحسه مش أكتر، أتعرفت عليه فى المنتجع وعملنا حفلة بره عند بنت خالتى، كنا بنقعد مع بعض اليوم كله، ووقت النوم كل واحد بيروح أوضته»، لم تقصر بهية يوماً فى أنوثتها فكانت حريصة طوال الوقت على أن تبدو جميلة وأنيقة أمام عين زوجها، بل كانت تشعره كأنهما فى بيتهما وتحرص على عمل الأكلات التى يحبها بنفسها، تتذكر الأسباب التى دفعتها لقبول زيجة كهذه، قائلة: «هو كان مريح وكلامه حلو وكنا بنحتفل زى باقى المتجوزين بكل المناسبات وبنجيب هدايا لبعض، كان محسسنى بوجوده بطرق كتير مختلفة».
تتحدث بهية عن جواز الونس، قائلة: «احتياجات كل سن بتفرض عليه حاجات كتيرة مختلفة، فى السن ده انت مش محتاج تتجوز بالشكل المعروف، الواحدة كل اللى محتاجاه راجل ياخد بحسها ويقف جنبها لو تعبت، زى ما بيقولوا سند ليكى وبس».
بملامح أصغر من عمرها بسنوات، وملابس أنيقة ووجه بشوش تتخلله لمسات تجميلية تحرص على وضعها بشكل مستمر، وفى غرفة لا تخلو من الكمبيوتر والأجهزة الحديثة التى تستخدمها بشكل مستمر، جلست نوال محمود ذات الـ77 ربيعاً تحكى قصتها من البداية، تقول: تزوجت عن حب وبعد وفاة زوجى انتقلت لبيت بنتى أعيش معها بس مع ظروف الحياة قررت آجى المنتجع وأعيش فيه بقية حياتى على ذكرى جوزى، وهنا فى المنتجع جالى عرسان كتير وظروفهم نفس ظروفى بس كنت برفضهم، لأنى معرفش حد فيهم، وده رغم أنى مؤمنة بزواج الونس بس كنت مكتفية بونس الذكريات، أغلى الناس عندى جوزى اللى استحملنى فى كل حالاتى، وونس الصحاب جوه المنتجع كان بيغطى مكان احتياجى لونس راجل.
نوال
قرار الزواج دائماً ما يكون مبادرة من الرجل حتى فى تلك السن المتقدمة، وهو ما ذكره محمد فتحى، أحد مقيمى المنتجع، الذى أتم عامه الثمانين، يقول: بعد رحيل زوجتى افتقدت الحنان وبدأت تجربتى داخل المنتج مع «نجوان» ليتسلل إلى قلبى الدفء الذى حرمت منه والأمان والإخلاص والحب، وهنا قررت الزواج منها داخل المنتجع، وقررنا أن تكون شبكتها وشهر العسل هو أداء مناسك الحج والعمرة وهو ما حدث بالفعل.
وتابع: كان فيه بينا علاقة تفاهم وحب متبادل مع أن قرار الجواز فى هذه السن صعب، وذلك خوفاً من الفشل أو عدم توافق الطباع، وعلى الرغم من غيرتها المستمرة علىَّ من باقى الزميلات داخل المنتجع وتكرار المشاكل بسبب الأخريات، ورغم السن لكن الغيرة موجودة ومطلوبة بحدود، وكنت باهتم بيها وبجيبلها هدايا فى المناسبات، وعمرى ما كنت بانسى عيد ميلادها، وكنت حريص أعملها حفلة كل سنة، وهو ده الهدف من جواز الونس اللى بيكون بعيد عن المصالح والتكلف وأساسه هو أن نحس ببعض.
فتحى ونجوان يوم زواجهما
يضيف فتحى: «مش معنى إننا كبرنا فى السن سواء ست أو راجل أن تتوقف حياته ويظل فى سريره منتظر الموت، فطالما تدب فيه الحياة من حقه أن يتزوج، يحكى فتحى عن أن المشاعر لا تشيخ، فمثلما المرأة فى شبابها غيورة وخجولة وحريصة على أن تبدو فى أحسن مظهر لها، هى نفسها فى سن الشيخوخة غيورة، فبعض الحالات فى الدار لم تفلح زيجتها بسبب غيرة الزوجة الزائدة ولكنهن لا يفضلن الحديث عن تجاربهن، لتظل المرأة على حد تعبير فتحى واحدة فى كل أعمارها مع اختلاف ملامحها.