دورة حياة المواطن في الطوابير.. انتهت في "العيش" والأنبوبة" لتظهر مجددا في "اللبن"
أزمة العيش
لم تنته أزمة المواطنين اليومية مع "الطوابير"، فالمشهد الذي اعتقدوا انتهائه، والذي ظل يلازمهم طوال حياتهم، ليبدأ يومهم صباحًا في الوقوف أمام محطات البنزين، ويمتد معهم ظهرًا أمام أفران العيش البلدي، ومخازن الأنابيب، ظهر من جديد، أمس، في هيئة طابور رابع، بعد تجمهر المواطنين أمام معهد ناصر بشبرا الخيمة، لنقص ألبان الأطفال المدعمة، ليعيد مشهد الطوابير لمرأى ومسمع المواطنين من جديد.
وشهدت أزمة نقص الوقود، منذ تولي الرئيس المخلوع محمد مرسي، الحكم، عدة وقفات، فبالرغم من بعض المشروعات التي تمت في عهده من تنمية حقول إنتاج، والاستكشافات البترولية الجديدة، والاتفاقيات التي عقدت مع شركات أجنبية، إلا أن أزمة البنزين والسولار والمازوت، ونقص الغاز الطبيعي لمحطات الكهرباء، أطفأت إنجازات وزارة البترول، خلال عام من تولى مرسى الرئاسة.
يعقبها الأزمة الثانية، والمتمثلة في طوابير العيش، التي لازمت المواطن لسنوات طويلة، لتتفاقم، ويتحول التشاجر للحصول علي الرغيف، من مجرد مشادات كلامية بين المصطفين، إلى قتل أحدهم بعد عراك طويل، ليسقط أول ضحايا طابور العيش، في رمضان 2010، بوفاة سامح بضابا 24 عامًا.
وكانت مصر تستهلك نحو 14 مليون طن من القمح سنوياً، وتعتمد على الإمدادات الأجنبية للحصول علي نصف تلك الكمية، وفقًا لتصريح، محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق، في سبتمبر 2010.
جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق، قال أيضا في تصريحات سابقة أثناء الأزمة في فبراير 2012: " إنه لا يمكن إعطاء الدعم النقدي للمواطن مباشرة، لأن وضع المجتمع الآن لا يصلح لذلك، كما أن الفقير غير رشيد فى إنفاق أمواله"، مضيفا: "ليس من المعقول أن طن القمح الذى يتراوح سعره بين 1800 و2000 جنيه، يتم بيعه للمطاحن بسعر 400 جنيه".
وبدأت أزمة رغيف الخبز في الحل، بإنتاج كروتًا ذكية لصرف 150 رغيف خبز شهريا، لكل مواطن مسجل على البطاقة التموينية،أو بطاقة صرف الخبز، في مارس 2014، وحدد سعر الرغيف بـ 5 قروش، الأمر الذي أحدث انفراجة بطوابير العيش حتى تلاشت تمامًا من المشاهد اليومية.
وتمثل الطابور الثالث، الذي عايشه المواطن لسنوات، في أزمة نقص " الأنابيب"، ليتخلل طوابيرها، بعض أنواع الفنون القتالية منذ عام 2010، حين راح أحد المواطنين، ضحية الأزمة، خلال مشاجرة بين عائلتين بالبدرشين في عام 2012 ، بوفاة الطفل مصطفى ممدوح أبو غريب (14 عاما)، بينما لقى شخصان مصرعهما فى القليوبية في عام 2011، بعد تجدد أحد المعارك للحصول على "أنبوبة".
وترنحت الأسعار في أزمة الأنابيب، ما بين 20 جنيهًا وصولًا إلى 70 جنيهًا، ليبقى المواطن بين فكي الأسعار والطابور الذي عليه تجاوزه للحصول على أنبوبته، وكانت أشهر تصريحات المسؤولين عن تلك الأزمة، للمهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء في مارس 2015، حين قال: "الموضوع دا مش هسيبه"، لتنتهي الأزمة تدريجيا في معظم المحافظات، ببداية دخول الغاز الطبيعي إلى المنازل عام 2014.
وظهر شكل جديد من الطوابير، بتكدس الأهالي أمام معهد ناصر، أمس للحصول علي لبن الأطفال المدعم، لتعيد إلي الأذهان، مشهد "الطوابير" بظهورها في 2016، من جديد، حيث تجمهر المحتجون، ما أدى إلى توقف حركة المرور تماما بكورنيش النيل، والدفع برجال الأمن، الذين تمكنوا من التفاوض معهم، وفتح الطريق مرة أخرى.
وأكد الدكتور سعيد شمعة، نقيب صيادلة الدقهلية، أن قرار وزير الصحة بصرف لبن الأطفال المدعم، عن طريق مراكز الأمومة والطفولة بالكارت الذكى، هو سبب الأزمة.
كان الدكتور أحمد عماد وزير الصحة، قد أعلن في أبريل الماضي، عن بدء ميكنة عملية صرف ألبان الأطفال الصناعية "شبيهة لبن الأم" لـ12% من الأطفال حديثى الولادة سنويا، من خلال إصدار كروت ذكية، لصرفها لأكثر من 350 ألف طفل.