المنشآت العسكرية: «ممنوع الاقتراب».. و«جوجل»: «بص براحتك»
«ممنوع الاقتراب والتصوير» لافتة يلمحها المارة على المبانى والمنشآت العسكرية، البعض يقابلها بتهكم وآخرون يحترمونها، بينما يدفع الفضول آخرين إلى «فتح الإنترنت» والنظر إلى المكان المحرم عبر عدسات «جوجل إيرث» ليكتشفوا «المكان الممنوع».
خدمة مجانية تتيحها «جوجل» للجميع، توفر من خلالها الشركة العملاقة خرائط ثلاثية الأبعاد تحتوى على صور لأكثر المناطق سرية على سطح الأرض، وتسمح للمشاهد باكتشاف أدق التفاصيل ومشاهدة أجسام لا يتجاوز طولها ثلاثة أمتار وبزاويا تبلغ 360 درجة، الأمر الذى يثير تخوفات من كونها تنتهك الخصوصية والسرية والأمن القومى، حسب اللواء عبدالمنعم كاطو، الخبير العسكرى، الذى يؤكد أن التقنيات الحديثة التى تتوافر الآن على شبكات الإنترنت قادرة على كشف جميع القواعد العسكرية والمطارات الحربية، فالمعلومات العسكرية لم تعد مقصورة على المخابرات «لكن كل واحد على سطح الأرض بقى يقدر يعرفها».
دخلت إسرائيل فى نزاع طويل مع شركة «جوجل» بخصوص ما يعرضه برنامج «جوجل إيرث»، حيث ذكر الكيان العبرى أن البرنامج يكشف مواقع عسكرية وأمنية إسرائيلية مهمة، وهو ما يجعلها هدفاً سهلاً للعمليات الإرهابية لا سيما بعد أن طورت جوجل صور الأقمار الصناعية وضاعفت من درجة الوضوح والدقة، الأمر الذى دفع إسرائيل عام 1996 إلى إبرام معاهدة مع أمريكا تم تحويلها إلى قانون صدر عن الكونجرس الأمريكى يفرض على الشركات التى تبيع صوراً ملتقطة بالأقمار الصناعية لإسرائيل الحصول على إذن مسبق من الإدارة الأمريكية قبل عرضها على المواقع الإلكترونية.
أكدت شركة جوجل فى «إيميل» أرسلته لـ«الوطن» أنها ملتزمة بالقوانين المحلية التى تصدر بشأنها فى أى مكان، غير أنها فى الأساس تنشر «صوراً متاحة فى الأصل، ولأماكن عامة يمكن لأى أحد تصويرها»، مؤكدة أن الصور «مسجلة وليست حية»، وتؤمن الشركة بأن «فوائد جوجل إيرث تفوق أى استغلال ممكن»، الأمر الذى يعقب عليه د. عادل سليمان، مدير المركز الدولى للدراسات المستقبلية بقوله: «لن تستطيع أى دولة أن تقف أمام التطور العلمى»، ويؤكد سليمان أن مفهوم السرية اختلف على مستوى العالم «السرية هى الإرادة والتكنولوجيا»، العديد من الشركات الخاصة على مستوى العالم تمتلك أقماراً صناعية لأغراض تجارية، وتوكل إليها مهام عبر الإنترنت منها تصوير المناطق العسكرية مقابل أجر يُدفع عن طريق بطاقات الائتمان غير قابلة للتعقب.
الهند وتايلاند وكوريا الجنوبية أعربت عن مخاوف بشأن حساسية المعلومات المنشورة على البرنامج العملاق، كما حجبت شركة جوجل موقع منزل نائب الرئيس الأمريكى من على برنامجها بسبب ضغوط من الحكومة الأمريكية، وهو ما أثار الاستياء من الشركة، حيث اعتبر الجميع أن تعمّد حجب المعلومات يتعارض مع هدف الشركة المعلن والمتمثل فى السماح لرواد الموقع الشهير بتكبير أى نقطة على سطح الأرض. تؤكد «جوجل» لـ«الوطن» أن المعلومات المنشورة تأتى من مقدمى البيانات من وقت لآخر، وأن «جوجل» ليست مسئولة عن الصور التى تأتى لها مطموسة، مثل منزل نائب الرئيس والقصر الملكى الهولندى.
مصطفى يحيى، مسئول العلاقات العامة التنفيذى بشركة جوجل تركس، يؤكد أن «جوجل» لا تشكل أى تهديد فعلى للأمن القومى المصرى، فما يُنشر على مواقعها يمكن للفرد العثور عليه عند مزودى خدمة آخرين، ويؤكد يحيى أن «جوجل» تأخذ الاعتراضات على محمل الجد، وتقوم بمراجعة الشكاوى دورياً والرد عليها.