مدحت العدل: سنعرض رؤيتنا على الرئيس قريباً.. وهدفنا استعادة «القوة الناعمة» للسينما فى الوطن العربى وأفريقيا
![مدحت العدل](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/12589486421514393517.jpg)
مدحت العدل
يرتدى منظاره الطبى المميز، يفند أفكاره على الورق تباعاً، وعندما تأتى اللحظة المناسبة يبدأ فى طرحها على الملأ، ويناقشها بدقة ووضوح، يجذب اهتمام الحضور بكلماته المختارة بعناية شديدة، نتحدث عن الكاتب مدحت العدل، الذى كلفه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيل لجنة تضم عدداً من المتخصصين، لبحث المشكلات التى تواجه السينما والدراما، ووضع آليات لتطويرهما حتى تعود القوة الناعمة لسابق عهدها. ويكشف الكاتب مدحت العدل فى حواره لـ«الوطن»، تفاصيل لقائه بالرئيس عبدالفتاح السيسى وتكليفه بتشكيل لجنة بخصوص معوقات وتطوير السينما والدراما، فضلاً عن كواليس تشكيل اللجنة واختيار أعضائها، وأهم الموضوعات التى تمت مناقشتها والتوصيات التى خلصت إليها.
رئيس لجنة تطوير السينما لـ «الوطن»: الدولة تريد فتح صفحة جديدة مع الفن ودورنا فى مكافحة الإرهاب لا يقل عن «المواجهة المسلحة»
كيف كان لقاؤك مع الرئيس وتكليفك بإنشاء لجنة لتطوير السينما والدراما؟
- كلفنى الرئيس بذلك أثناء مؤتمر الشباب، حيث كان هناك ندوة عن مشكلات السينما ذكرت خلالها أن السينما الأمريكية استطاعت أن تصدر صورة «سوبر مان» الأمريكى، واقتصادها وثقافتها للعالم عبر السينما، ومصر كانت تفعل ذلك فى وقت من الأوقات، حيث كانت تفرض لهجتها وثقافتها على مدار ما يقرب من 100 عام، وإذا استعدنا هذا الدور سنستطيع التأثير ثقافياً واقتصادياً، وطرحت عدداً من المشكلات أمام الرئيس، وبعدها قال لى إنه مستعد لدعم السينما، وأكدت له أننا لسنا فى حاجة إلى دعم مادى فقط، بل نحتاج إلى دعم لوجيستى وتغير القوانين المقيدة، وتسهيلات وتشريعات جديدة لصناع السينما، إلى جانب محاربة القرصنة، وهو شىء يجب أن تأخذ الدولة حياله خطوة، فشركات الإنتاج لن تستطيع فعل شىء فيما يتعلق بمخاطبة الأقمار الصناعية، ومن جانبه رد الرئيس بشكل مباشر ومبشر وقال: «سنقوم بدعمكم بكل ما لدينا»، وطالبنى بتشكيل لجنة نقدم من خلالها مقترحات، حتى تستعيد مصر الريادة والقوة الناعمة فى السينما والدراما، وعرضت الأسماء وتمت الموافقة عليها.
من الأسماء الموجودة فى اللجنة؟
- عند تشكيل اللجنة حرصت على أن تكون مؤلفة من مجموعة صغيرة من الفاعلين فى المجالين السينمائى والدرامى، حتى نتعاون بشكل أسرع، وهى تضم من المنتجين جمال العدل ومحمد حفظى وجابى خورى، بالإضافة إلى الدكتور خالد عبدالجليل مستشار وزير الثقافة لشئون السينما، وهشام سليمان رئيس شبكة قنوات dmc، وعقدنا اجتماعات عدة وخرجنا بمجموعة أوراق وتوصيات، ومن المقرر أن نجتمع بالرئيس خلال الفترة المقبلة لنقوم بعرضها.
اهتمام الرئيس بملف السينما سيكون حافزاً للجميع من أجل تنفيذ القرارات والتوصيات
ولماذا حرصت على تشكيل اللجنة من مجموعة صغيرة رغم أن الدراما والسينما بهما الكثير من المشكلات؟
- كان مقصوداً أن تكون اللجنة مصغرة، فعلى سبيل المثال لو كانت مكونة من 20 شخصاً، كنا سنواجه عدداً من الصعوبات، منها أماكن الاجتماعات والمناقشات التى قد تطلب وقتاً طويلاً، فليس الهدف أن يكون هناك عدد كبير بقدر أن تكون هناك إسهامات ووجود فعال، وحرصت على أن يمثل كل عضو فى اللجنة جهة بعينها، مثل خالد عبدالجليل يمثل وزارة الثقافة وله باع فيما يتعلق بتلك الأزمات، والمنتج جابى خورى له خبرة فى الإنتاج المشترك، فمن الممكن أن تشمل اللجان أسماء معروفة ولكنها لم تعد تعمل فى السينما، ولكنى اعتمدت على «الناس اللى إيدها فى الشغل»، وبالطبع نرحب بأى شخص آخر خارج تلك القائمة، ولديه إسهام فى الوجود معنا، السينما ليست حكراً علينا، فهى مملوكة لمصر وللأجيال المقبلة.
هل ترى أن تكليفك بتنظيم اللجنة وعرض مشكلات السينما على الرئيس يلقى على كاهلك قدراً كبيراً من المسئولية؟
- أنا أحمل مسئولية كبرى، خصوصاً عندما يطلب منى رئيس الجمهورية تشكيل لجنة لتطوير الفن وحل أزماته، وفى الوقت نفسه أحمل مسئولية أحلام كل زملائى السينمائيين والفنانين، حتى تعود الدراما والسينما إلى سابق عهدها وتملأ كل البلاد العربية وتنتشر فى أفريقيا، مهمة جليلة وأنا شرفت بكونى جزءاً من تلك اللجنة، فأنا لست رئيسها ولكنى كلفت بتكوينها، وبالطبع مسئولية تنطوى على جهد كبير وعمل يحتاج إلى الكثير من الوقت والبحث، ولكن فى النهاية الغاية سامية والحلم كبير ومهم، ونحن فى أمس الحاجة إليه فى هذا التوقيت.
الإبداع بخير ونمتلك إمكانات بشرية جيدة.. ونأمل عودة قوتنا الناعمة الحقيقية إلى الساحة من جديد
وما أهم التوصيات التى خلصت إليها اللجنة؟
- تدور التوصيات حول تسهيل عمل السينمائيين، فنحن لا نبحث عن الدعم المادى من الدولة فقط، وإن كان مهماً بالنسبة للسينما، لكى نشجع التجارب الجديدة غير التجارية، وتكون القوة الناعمة الحقيقية لمصر، والوجه المشرف لها فى المهرجانات السينمائية، والتوصيات الأخرى تتعلق بالدعم اللوجيستى وتسهيل التصوير والخدمات المتعلقة بالسينما، ولن نستطيع الحديث عن كل التوصيات حتى يتم عرضها على الرئيس ويتم الموافقة عليها، ولكنها بشكل عام تدور حول كيفية دعم السينما والدراما المصرية، لتعود كما كانت القوة الناعمة الحقيقية من جوانب عديدة سواء المستوى الاقتصادى، أو التأثير النافذ على اتجاهات أفريقيا والوطن العربى، وكيف تكون السينما ضد التطرف والتعصب، إلى جانب محاور اقتصادية وفكرية وأخرى تأثيرية منها، كيف يكون لمهرجاناتنا القوة المطلوبة، فهناك توصيات عن مهرجان الأقصر بشكل خاص، لأنه مهم جداً ويعد نافذة مصر الأولى على أفريقيا، ومؤثر بشكل غير طبيعى فى العلاقات المصرية الأفريقية التى تعتبر على المحك فى الفترة الحالية، بسبب أشياء عديدة منها سد النهضة، حيث تخلينا عن هذا الدور لمدة 30 عاماً، ولم يكن لدينا أى دور فى أفريقيا، وحلت مكاننا إسرائيل، وبالتالى نحاول استعادة هذا الدور، وأن نعود من خلال القوة الدبلوماسية، ولكن السينما مهمة جداً فى هذا الملف، وفيما يتعلق بمهرجان الأقصر تأتيه بعثات من كل الدول الأفريقية، من فنانين عالميين من أصول أفريقية.
تم تنظيم عدد كبير من اللجان سلفاً لحل مشكلات السينما ولم ينفذ من توصياتها شىء حتى الآن، فما المختلف هذه المرة؟
- اهتمام الرئيس بهذا الملف سوف يدفع الجميع إلى العناية به، فهذه المرة الأولى التى يطلب فيها الرئيس ذلك الأمر بنفسه، ولذلك أعتقد أن ذلك سيكون محفزاً للجميع فى تنفيذ القرارات، فعندما نجتمع بالرئيس ويقتنع بالتوصيات والمقترحات التى وضعناها، سوف يشجع ذلك باقى الأجهزة على الالتزام بها، لأنها رغبة ملحة عبر عنها الرئيس قبل أن يكون رئيساً، وبعدما أصبح رئيساً، ودائماً يركز عليها فى لقاءاته، فهناك ندوات عن القوة الناعمة وأثرها فى القضاء على التطرف، وأخرى عن دورها فى كيفية مخاطبة الآخر، فطوال الوقت الملف مفتوح فى الرئاسة والقوات المسلحة، ونتعاون مع الشئون المعنوية ونشاركهم فى إنتاج مسلسل «زين» المشارك فى سباق الدراما الرمضانية المقبل، فهى تدعمنا بشكل غير عادى، وهو مجرد أحد الأعمال التى تريد «الشئون المعنوية» تنفيذها معنا ومع غيرنا من شركات الإنتاج، مثل فيلم «إبراهيم الرفاعى»، وأعتقد أن هذا اتجاه الدولة خلال الفترة المقبلة، ومن الأشياء التى تم تحديدها للرئيس، هو وجود سوء فهم أو عدم الاختصاص بين مانحى الدعم وصناع الأفلام، لأن وزارة المالية والقائمين عليها لديهم ما يسمى بالسنة المالية، ولا يعلمون أن السينمائيين قد يستغرقون عامين فى صناعة فيلم واحد، وبالتالى ليس ضرورياً أن أنفذه فى العام نفسه الذى أحصل فيه على الدعم، فنحن فى حاجة إلى نوع من المرونة فيما يتعلق بتلك المسألة.
لجنة التطوير شملت «الناس اللى إيدها فى الشغل».. ومحاربة القرصنة ودعم السينما والدراما وطالبنا بتسهيلات لوجستية وتعديلات تشريعية وليس الدعم المادى فقط
وهل ذلك يعنى أن الدولة تريد فتح صفحة جديدة مع السينما خلال الفترة المقبلة؟
- هذا حقيقى بالفعل، السينما كانت مهمشة لفترة طويلة، وتحولت نظرة المجتمع عن الفن إلى أنه «عيب وحرام»، كنوع من مظاهر القمامة العقلية، جميعنا يحاول الآن بداية من مؤسسة الرئاسة، ومروراً بالفنانين وصناع السينما والجيش وحتى الشعب، استعادة عقل مصر الذى تعرض لنوع من أنماط الردة على مدار 40 عاماً مضت، وهناك جهود مخلصة من مؤسسة الرئاسة والجيش وأتمنى أن نحقق ما نتمناه ونرجوه للفن والسينما، فلا يوجد الآن خلاف على قيمة الفن أو قيمة القوة الناعمة، نحن كفنانين مؤمنين بذلك طوال حياتنا، ولكن الجديد هو إيمان الرئيس والجيش بذلك، وليس إيماناً فقط ولكن العمل على أساس ذلك أيضاً، أدرك حجم الملفات المهمة المطروحة أمام الدولة، والأولويات التى توليها الاهتمام، ولكن الفن يحمل سلاحاً مثل الجيش فى مواجهة الإرهاب، كلنا نحمل هذا السلاح، وكلنا نؤثر بقدر تأثير الجندى الواقف على الجبهة.
هل انحصرت المشكلات التى ناقشتها اللجنة فى الإمكانات اللوجيستية فقط.. أم أن هناك أزمات فى الإبداع والأفكار؟
- الإبداع بخير، المبدعون موجودون ولدينا مخرجون على أعلى مستوى، فنحن نمتلك كل الإمكانيات البشرية الجيدة، ولكن المشكلة تكمن فى تعثر الإنتاج بسبب مشكلات عديدة، وبالتالى طلب الرئيس تشكيل اللجنة، لا يصح عندما كنا ننتج 100 فيلم فى العام نصبح ننتج 10 أفلام، الصناعة قائمة بعدد الأشخاص العاملين فيها، قد يصلون إلى مليون شخص يعيلون 5 ملايين آخرين من عائلاتهم، وهم يقتاتون من السينما والدراما، وبالتالى فهى صناعة كبيرة وراسخة، وكان من الصعب عدم وجود فيلم يمثل مصر لأول مرة فى الدورة 39 من مهرجان القاهرة، وهو واحد من أهم 12 مهرجاناً على مستوى العالم، ففى السابق كان المهرجان يفاضل بين الأفلام لعرضها فى الفعاليات، ففى العام الذى حصل فيه فيلم «إشارة مرور» على جائزة الهرم الفضى، كان معنا أكثر من فيلم من بينها «الحب فى الثلاجة» و«يا دنيا يا غرامى» تتنافس داخل المسابقة التى كانت تضم ما يقرب من 4 أفلام فى المسابقة الرسمية.
مدحت العدل