مسجد "سيدي أبوغنام".. فن حائر بين ملكية "الآثار" وإشراف "الأوقاف"
مسجد ابو غنام الآثرى فى كفر الشيخ
على مساحة 2000متر مربع، يقع أقدم مسجد آثري بمدينة بيلا في محافظة كفر الشيخ، يقصده المصلون من كل حدب وصوب، كما تقصده السيدات من المدن والقرى، لعلهن يجدن ما يريح صدورهن أمام أعتاب ضريحه وخاصة ايام "المولد" السنوي الذي تحتفل به 67 طريقة صوفية مختلفة كل عام.
يعتبر مسجد الشيخ سيدي سالم البيلي أبوغنام، القطب الصوفي الذي ذاع صيته منذ مايقرب من 739 عاماً، تُحفة فنية ومعمارية نادرة، حيث يمتاز بواجهاته الشاهقة، وله 4 مداخل تقع على أربعة شوارع مختلفة، فأما المدخل الرئيسي يقع المنتزه الخاص بالمسجد، "منتزه أبوغنام"، ويؤدي المدخل إلى حجرة على يسار الداخل مغطاة بقبة تم بناءها من الطوب وتعتبر تحفة فنية رائعة، أسفلها مقصورة نحاسية كبيرة بها ضريح مؤسس المسجد "سيدي سالم البيلي أبوغنام" الذي توفي سنة 632 هجرية، واثنين من أولاده هما، "محمود وغنام"، الذين دفنا معه في ضريحه بالمسجد.
يحتل المسجد مساحة مربعة بانحدار، ويتوسطه 4 أعمدة رخامية كبيرة ملونة، وفي المقابل محراب المسجد الذي يقع على جانبيه عمودان من الأعمدة الرخامية الملونة، وبجوار المحراب منبر خشبي كبير منقرش بالكتابات الحفرية، ويعد بمثابة تحفة فنية تمت صياغتها وفقاً للأساليب الفنية التي كانت سائدة في العصر المملوكي، وهناك أيضاً تحفة خشبية مماثلة وهو كرسي قارئ المصحف الشريف.
أنشئ منذ 739 عاماً ويقصده آلاف الزائرين.. عبدالرحمن: "آثري يتميز بروحانيات تريح الصدور"
يقول الشيخ علي عبداللاه، إمام المسجد سابقا، أنهم يخشون من سقوطه أثناء الصلاه لأنه آيل للسقوط، وأرسلت وزارة الآثار مهندسين فنيين لمتابعته، وقالت الوزارة من قبل أنها ستهدمه وتبنيه من جديد، مناشداً المسؤولين سرعة تنفيذ هذا العمل خدمة لأهالي بيلا، ولأن المسجد به قطبا من أقطاب الصوفية، وصورته الحالية لا ترضي أحدا.
القطب الصوفي سيدي سالم البيلي أبوغنام، هاجر من بلاد الشام، ووصل إلى مصر في عصر الدولة العثمانية، ثم توجه إلى الإسكندرية، ثم إلى "بيلا"، حاملا معه قنديل من نور ليستقر بها، ولم يكن يعلم وقتها أنه سيكون من أعلام الصوفية بمحافظة كفر الشيخ والجمهورية، وأن تلك "الخلوة" التى بناها ستتحول لمسجد من أكبر المساجد وأقدمها، وسيكون مزاراً يتوافد ألاف الزوار والمريدين عليه كل عام، للأحتفال بمولده، والذي تنظمه الطرق الصوفية، ويعتبر من أكبر الاحتفالات الدينية في محافظة كفر الشيخ، ويقام لمدة أسبوع.
أحمد: "نستعين بأواني الطهي لتجميع مياه الأمطار حفاظاً على قدسيته"
أمام المسجد عبدالرحمن، أحد أهالي بيلا، يؤكد أن مسجد أبوغنام يتميز بسكينة وروحانيات كبيرة وإحساس الصلاة به مفعم بالخشوع، وأنه تربى في الحي المجاور للمسجد ويتردد علىه منذ 45 عاما، مضيفا أنه لابد أن يتم إصلاح المسجد وخروجه من هيئة الآثار، لأنه أقدم المساجد وأكبرهم وحاله يُرثى له، ومن الممكن أن ينهار في أي وقت كما يوجد شقوق في مأذنة المسجد، ما تؤدي إلى سقوطه وتهديد حياة المارة، موضحا أنه منذ فترة أيضا تم اكتشاف أحجار جرانيتية يبدو أثريتها، أثناء الحفر لوضع أساسات كشك الكهرباء الجديد الكائن بجوار المسجد.
بني المسجد للمرة الأولى سنة 700 هجرية على هيئة "خلوة" بجوار مقابر المدينة حينا ذاك، وأعيد استحداث بناءه وتوسعته في العصر المملوكي الشركسي، وعصر أسرة محمد علي، خاصة عهد "خوشيار هانم" والدة الخديوي إسماعيل، حيث قامت بتجديد العديد من مساجد الأولياء على مستوى الجمهورية، من بينها هذا المسجد، الذي يرجع تاريخ الجزء المستحدث منه إلى منتصف القرن الثالث عشر الهجري، التاسع عشر الميلادي.
وشيده المهندس المعماري حسن فهمي، وصممه تصميماً معمارياً، وبُني من أفخر أنواع الأعمدة الرخامية.
مسؤول: المسجد "حائر بين الآثار والأوقاف"
وقال مصدر مسؤول بهيئة الآثار الإسلامية بكفر الشيخ، أن الوزارة عمل دراسات استشارية للمسجد منذ أكثر من 9 سنوات، فتم إرسال تلك الدراسات الأستشارية إلى هيئة البناء والتشييد بوزارة الأوقاف المصرية لتخصيص المبالغ اللازمة لأعمال الترميم، وحتى اليوم لم يتم التخصيص تلك، مع العلم أن المسجد يقع عند انحدار تل ما أدى إلى تجمع المياه الجوفية أسفل منه وارتفاع درجة الرطوبة التي تبدو واضحة عليه، فالمسجد يقع في حيرة بين وزارتي الآثار والأوقاف، لأن مالك المسجد هي وزارة الأثار، والمشرفة عليه هي وزارة الأوقاف.