هانى عازر: بدأت من الصفر.. عملت بائع جرائد و«جرسون» النجاح لا يأتى بالحظ
المهندس هاني عازر
رحلة نجاح طويلة بدأت من الصفر، الكفاح والتعلم والإصرار أبرز مقوماتها، التحق بالعديد من المهن كى ينفق على دراسته وإقامته فى الخارج، لكنه فى نهاية المطاف أصبح أحد أهم المهندسين على مستوى العالم.. هو المهندس هانى عازر، خبير الأنفاق العالمى، عضو المجلس الاستشارى الرئاسى للرئيس عبدالفتاح السيسى.
عضو «الاستشارى الرئاسى»: الألمان قالوا لى «عندكم رئيس وطنى ومخلص ويقوم بعملية بناء حقيقية لمصر»
قال، فى حواره لـ«الوطن»، إن المشروعات القومية التى تنفذها الدولة حالياً ترسم خريطة مصر فى المستقبل، مشيداً بتنفيذها فى زمن وصفه بـ«القياسى» مؤكداً أنه متفائل بالمستقبل، لأن الدولة المصرية قادرة على مواجهة تحدياتها والصعاب التى تواجهها. ووجه «عازر»، الملقب بـ«أمنحوتب الفراعنة»، رسالة إلى الشباب المصرى أكد فيها ضرورة الاستمرار فى العمل والتعلم والكفاح من أجل تحقيق الأهداف، مشيراً إلى أنه واجه صعوبات شديدة فى بداية رحلته لكنه تمسك بحلمه.
كيف بدأت رحلتك فى الخارج حتى أصبحت واحداً من أهم المهندسين على مستوى العالم؟
- بدأت فى ألمانيا من الصفر، وهذا ليس كلاماً يتم تكراره، لكنى فى الحقيقة بدأت من الصفر بكل ما تعنيه الكلمة، تعبت وكافحت وحاولت أن أتعلم وأحقق نفسى وأجتهد بأقصى درجة، وخلال تعليمى كنت أعمل فى مهن مختلفة حتى أوفر نفقاتى.
وما أبرز المهن التى عملت فيها فى بداية مشوارك؟
- يكفى أن أقول إننى بعت جرائد مثلاً، واشتغلت «جرسون» فى المطاعم، وعملت فى غسيل الأطباق، واشتغلت فى مناجم تحت الأرض، وهذا ليس عيباً على الإطلاق، لكنى أفتخر بذلك. كنت أريد أن أوفر المال اللازم لأنفق على دراستى وإقامتى خاصة أن الحياة فى ألمانيا كانت صعبة، والمشوار فى الخارج أمر صعب وليس مجرد نزهة كما يتصور البعض.
المشروعات القومية ترسم خريطة مستقبل البلد وتضعنا على خط التنمية الفعلى.. والجميع سيرون مردودها الإيجابى.. وأقول للشباب «لا تيأسوا وتمسكوا بأحلامكم واعملوا بأقصى طاقاتكم».. و«الكفاح» هو أعظم درس تعلمته فى ألمانيا
البعض يعتقد أن مجرد السفر إلى الخارج كافٍ لتحقيق النجاح؟
- غير صحيح، كثيرون يسافرون إلى الخارج ولا ينجحون بالصورة المطلوبة منهم أو التى كانوا يخططون لها ويأملونها، النجاح يحتاج إلى اجتهاد وعمل وتحمل وكفاح.
خلال هذه الفترة، هل كانت تراودك فكرة الحنين إلى الوطن التى يتحدث عنها البعض؟
- دائماً أشعر بالحنين إلى مصر، حتى هذه اللحظة بمجرد أن أضع قدمى فى الطائرة أشعر بأننى أريد العودة إلى مصر، رغم رحلتى الطويلة فى ألمانيا. دائماً أحن إلى كل التفاصيل المصرية البسيطة، أحن إلى جلسات الزملاء والعائلة والأجواء فى الشوارع والكرة الشراب وبعض الأكلات المصرية مثل الملوخية والكشرى. أنا مرتبط جداً بمصريتى وكنت أشعر بالحنين وما زلت أشعر به مع كل سفرية. لكن كان عندى هدف أريد أن أحققه، وأريد أن أنجح، وبالفعل تمكنت من ذلك بعد تعب وكفاح وعلم.
ما وصفة النجاح التى تكتبها للشباب؟
- وصفة النجاح لا أكتبها أنا، لكنها حقيقة يعرفها كل من استطاع أن ينجح ولديه خبرات فى الحياة. العالم كله أصبح يعرف مفاتيح النجاح. أولاً النجاح لا يأتى بالحظ، لكن يجب أن يتعلم الإنسان جيداً، ويعلم نفسه باستمرار، ويتحمل كل الأعباء التى تقابله فى طريقه، ويتمسك بهدفه، ويخطط له، ويكافح ويصبر. هذه أهم مبادئ وعوامل النجاح، العلم والابتكار والرغبة فى الاكتشاف والمعرفة، والنجاح لا يأتى صدفة، ولكن له ثمن وفاتورة من الجهد والتعب والصبر، والنجاح أصبح الشىء الذى يبحث عنه العالم كله الآن، فهو عملية لا تتوقف، والعالم لم يعد يرحم الجاهل والجهل، والمهم فى النجاح الاستمرار فيه، قد تكون البداية صعبة وهناك عراقيل وتحديات لكن بالتحدى والتخطيط والعمل المستمر سيأتى النجاح، سواء على مستوى الأفراد أو الحكومات. والنجاح كلمة كبيرة وشاملة، هناك نجاح فى العمل ونجاح فى البيت ونجاح فى المشروعات القومية.
بخصوص المشروعات القومية، ما رأيك فى التوجه الحالى للدولة نحو القيام بالعديد من المشروعات؟
- أمر جيد ومطلوب بلا شك، لأن المشروعات الكبيرة هى التى تبنى الدولة وتضعها على الطريق الصحيح نحو مستقبل أفضل، وما يحدث حالياً فى مصر شىء عظيم فى الحقيقة، وأؤكد أن الجميع سيعرف مردود ذلك ربما ليس الآن لكن فى السنوات المقبلة، وأنا بالطبع سعيد بتلك المشروعات، خاصة التى تتعلق بأعمال البنية التحتية مثل الطرق والأنفاق، وكذلك قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، لأن هذه المشروعات من شأنها أن تفتح المجال أمام تنمية واستثمارات، ولكن الأهم أن نستمر فى البناء والعمل ولا نتوقف عند هذا الحد. ومن الأشياء التى تجعلنى أشعر بالفخر أيضاً أن تلك المشروعات تم تنفيذها فى زمن قياسى، وبأيادٍ مصرية رغم تخوف البعض من عدم وجود الخبرة الكافية، إلا أن المصريين أثبتوا أنهم قادرون على البناء ومواكبة العالم.
المسكنات لم تعد مفيدة.. اخترنا الطريق الصحيح والأصعب لأنه لا توجد حلول أخرى لتجاوز الأزمات
لكن البعض يقلل من أهمية تلك المشروعات بسبب وجود أزمة اقتصادية فى الوقت الحالى.. ما رأيك؟
- البعض لا يفهم بعض التفاصيل، وهناك من يتحدث فى أمور لا يفهمها. هذا كلام غير موفق، لأن المشروعات القومية وتحديث البنية التحتية هما السبيل للخروج من أزمات الاقتصاد والانتقال إلى وضع آخر، كان من الممكن إعطاء مسكنات، لكن المسكنات لا تفيد، ومصر فى حاجة إلى إجراءات قوية مهما كانت صعبة، علينا جميعاً أن نتحمل، لأن هذا بلدنا ونحمل مسئوليته جميعاً، ونحن نصلح أخطاء تأخر علاجها كثيراً، وكان لا بد من النظر للأمام وليس النظر تحت الأقدام، ودون مشروعات حقيقية قائمة على الدراسة المتأنية للبيئة والإمكانيات المتاحة والتحديات لن تتقدم أى دولة، وأنا أقول وأردد دائماً أن الأموال تذهب وتعود، لكن تظل المشروعات القومية هى الباقية على مر السنين للأجيال المقبلة. مثلاً السد العالى منذ أيام الرئيس جمال عبدالناصر موجود حتى الآن وتكلفة إنشائه لا تساوى شيئاً أمام أهميته وفائدته التى استفادت منها أجيال مختلفة. كذلك الطرق والأنفاق والمدن الجديدة، هذه عملية تحديث لدولة كاملة تأخرت كثيراً فى اتخاذ هذه الخطوات.
ما رأيك فى أداء الرئيس السيسى خلال السنوات الماضية؟
- هو يستمع جيداً، ورجل مخلص، ويعمل بكل جهد لبناء البلد، وهذا ليس رأيى وحدى لكنه رأى الألمان أيضاً، فأصدقائى المستشارون الألمان الذين التقوا بالرئيس أو تابعوه، قالوا لى: لديكم رئيس وطنى ويحاول أن يسابق الزمن ويقوم بعملية بناء حقيقية للبلد.
هل هناك صعوبة فى تحقيق خطة التنمية التى يستهدفها الرئيس؟
- أكيد هناك صعوبات وتحديات، خاصة فى بلد مثل مصر على مساحة واسعة ولديه تاريخ كبير وأزمات كبيرة، والطبيعى أن أى تغيير إيجابى هو أمر صعب والتنمية عملية شاقة، لكن هل هناك طريق آخر؟.. علينا أن نسأل أنفسنا. والإجابة بالنفى، لا يوجد طريق آخر، ورغم ذلك أنا متفائل بأن مستقبل مصر سيكون أفضل بإذن الله، والبلد يتحرك حالياً على طريق البناء والتعمير، وهناك تقدم حتى لو كان بطيئاً برغم الزمن القياسى فى تنفيذ المشروعات، لكن السبب، كما ذكرت، أن العديد من الخطوات كان يجب اتخاذها فى أوقات سابقة، لكنها تأخرت لأعوام طويلة.
ماذا عن تجربتك فى تنفيذ أنفاق قناة السويس التى جرى افتتاحها ديسمبر الماضى.. كيف شعرت وقتها؟
- مثل كل المصريين شعرت بالفخر طبعاً والفرحة الشديد. تنفيذ حفر الأنفاق أسفل قناة السويس هو إعجاز وفخر للجميع، خاصة أن التنفيذ عملية مصرية 100%، عندما جمع الرئيس عبدالفتاح السيسى هذا الفريق فى عام 2014 للعمل فى الأنفاق لم نكن نعرف بعضنا، وكان البعض يشعر بالتخوف من عدم إتمام المشروع لأسباب عديدة، منها عدم وجود خبرة سابقة فى تنفيذ أنفاق عملاقة بهذا الشكل، لكن بدأنا من الصفر وبحماس شديد ودراسات متأنية، واتبعنا جميع الخطوات العلمية، ثم بدأت مرحلة التنفيذ ورأيت بعينى شاباً مصرياً يقود ماكينة حفر عملاقة أسفل المياه بـ47 متراً ويقوم بعمله على أكمل وجه، العمل فى الأنفاق بدأ فى ديسمبر 2016 وتم العبور أسفل القناة فى 12 شهراً بالتحديد فى ديسمبر 2017، وبحكم تخصصى أقول إن ذلك كان بمثابة إعجاز حقيقى، وفى وقت قياسى قد لا يحدث فى أكثر الدول المتقدمة، فخر لمصر أن يرى العالم هذه الأنفاق بهذه الجودة وبصناعة مصرية وفى زمن قياسى.
ما أهم درس تعلمته خلال رحلتك الناجحة فى ألمانيا؟
- الكفاح. هذا أفضل شىء تعلمته. يجب أن تكافح فى حياتك لآخر لحظة. لا تيأس أبداً، وتتمسك بالأمل. فى ألمانيا كافحت حتى أثبت نفسى فى دولة تمثل القوة الصناعية والاقتصادية الأقوى فى أوروبا، ولأن الألمانى يفتخر فى أوروبا أنه لا ينتج إلا الأفضل وينجز فى الوقت الأقصر، ويخطط لمستقبل أبعد، ولهذا يتمتع بسمعة عالمية. الكفاح هو الدرس الأهم، والألمان كافحوا حتى يضعوا بلادهم فى هذا المصاف.