السادات.. رحلة من الكفاح جعلته بطل الحرب والسلام
الرئيس محمد أنور السادات
بملامحه المصرية الدقيقة، وتمتعه بشخصية مليئة بالذكاء والثقافة الواسعة استطاع الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن يحفر اسمه في حروف من نور في التاريخ ويحقق النصر لبلاده ويفرض قوة شخصيته علي العالم ليصل الي جائزة نوبل للسلام بعدما استطاع أن يحقق من نصره بالحرب حالة سلام لبلاده فأصبح بطل الحرب والسلام.
فتاريخ السادات حافل بمواقفه الوطنية التي دوما انحاز فيها لمصر، لم يصمت أمام محتل لبلاده أو ظالم فكان يقاوم الاحتلال الانجليزي وشارك بثورة 23 يوليو ضد الملك فاروق وظلت دوما مصر هي الهدف الذي أمامه ليجعلها في شأن عظيم.
ولد محمد أنور السادات في 25 من ديسمبر عام 1918 في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية وكان أبوه مصري وأمه من أصول سودانية، بداية دراسته كانت في كتاب القرية وظل به 6 سنوات فأتم حفظ القرآن الكريم كاملا، وبعدها انتقل إلى مدرسة الأقباط الابتدائية بقرية طوخ دلكا التي تقع بجوار قريته التي نشأ بها.
ثم انتقل السادات إلى القاهرة بعد عودة والده من السودان والتحق بالعديد من المدارس في القاهرة حتى استقر بدرسة "رقي المعارف" بشبرا وحصل منها علي شهادة الثانوية العامة والتحق بالكلية الحربية، وفور تخرجه تم إلحاقه بسلاح المشاة بالإسكندرية وبنفس العام تم نقله إلى منقباد بصعيد مصر وحينها كانت المرة الأولى التي يلتقي فيها بالزعيم جمال عبد الناصر.
وفي ظل حالة السخط العامة تجاه الإنجليز بهذا الوقت كانت تقام أمسيات تجمع شباب الضباط في الجيش وفي تلك الأمسيات قام السادات وعشرة من زملائئه بتأسيس جمعية سرية ثورية تهدف إلى تحرير الدولة ومن هنا كانت النواة الأولى لتنظيم الضباط الأحرار بمجموعة من الضباط في معسكر تباب شريف بمنطقة "منقباد" بالصعيد.
وفي أول أكتوبر من عام 1939 تم نقل السادات إلى سلاح الإشارة، وتم القبض عليه بسبب اتصاله بالألمان وصدر حكم بالاستغناء عن خدماته بالجيش المصري وليس هذا فقط ولكن قرر الاحتلال الإنجليزي اعتقاله، وبالفعل نقل إلى سجن الأجانب بالقاهرة وانتقل بعدها إلى أكثر من معتقل حتى قام بالهرب في عام 1944 وظل مختبئا حتى سقطت الأحكام العرفية وهذا يعني انتهاء اعتقاله.
وكانت شخصية السادات تتمتع بالبساطة الشديدة واقترابه من الناس ففي وقت هروبه مارس الكثير من الأعمال التي كانت تساعده على العيش فعمل خلال تلك الفترة تباعا على عربة "لوري" كما كان يعمل عاملا ينقل الحجارة من المراكب النيلية لتم استخدامها في رصف الطرق، وعام 1945 انتقل إلى بلدة أبو كبير في الشرقية فاشترك في شق ترعة الصاوي.
وفي عام 1946 تم اغتيال وزير المالية أمين عثمان في حكومة مصطفى النحاس، واتهم في القضية عشرون شابا من ضمنهم السادات وكان المتهم رقم 7 في قائمة الاتهام، وقضى في السجن 31 شهرا ليتم بعدها الحكم ببراءته وظل يواجه الحياة بلا أي مصدر للرزق وضاقت به الدنيا حتى أواخر عام 1948 وبمعاونة الكاتب إحسان عبد القدوس حصل على عمل محرر صحفي بمجلة المصور في دار الهلال، والتي قامت بنشر مذكراته وهو في السجن.
وجاءت المفاجأة الكبرى عن طريق صديق قديم له يدعى يوسف رشاد، وكان طبيب بالجيش وكان من القريبين للملك فاروق وعاد للجيش في 15 يناير عام 1950 بنفس الرتبة التي خرج عليها وهي يوزباشي بالرغم أن زملاءه قد سبقوه إلى رتبة صاغ، وحصل على رتبة بكباشي في عام 1951 وبنفس العام اختاره جمال عبد الناصر عضوا بالهيئة التأسيسية لحركة الضباط الأحرار.
وبعد قيام ثورة يوليو تولى السادات العديد من المناصب الهامة ففي عام 1953 تولى منصب رئيس تحرير جريدتي الجمهورية والتحرير وفي عام 1954 عين وزيرا للدولة وعضوا في محكمة الثورة وفي نهاية عام 1954 اختير السادات رئيسا للمؤتمر الإسلامي وترأس الاجتماع الأول بمكة في عام 1955، وظل السادات ينتقل بين العديد من المناصب الهامة حتى عام 1964 حينما تم تعيين السادات نائبا لرئيس الجمهورية.
وبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر عام 1970 أصبح السادات رئيسا للجمهورية وفي مايو 1971 اتخذ قرارا حاسما بالقضاء على مراكز القوى في مصر وسمي هذا القرار بثورة التصحيح، وأقدم الرئيس السادات على اتخاذ قرار جريء في 6 أكتوبر عام 1973 وهو قرار الحرب ضد إسرائيل واستطاع الجيش حينها كسر خط بارليف وعبور القناة وقاد السادات حينها أول انتصار عسكري على إسرائيل وتدمير مقولة أنه "الجيش الذي لا يقهر".
وفي عام 1977 اتخذ السادات أجرأ قرار وأعلن استعداده للسفر إلى القدس لدفع عملية السلام، وفي عام 1978 زار الولايات المتحدة الأمريكية وطالب السادات باسترداد الأرض كاملة وتحقيق السلام لكل الدول.
وفي عام 1981 استشهد الرئيس محمد أنور السادات برصاص مسلحين خلال عرض عسكري للاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر بعدما حقق السلام واسترد الأرض المحتلة ورفع اسم مصر عاليا أمام العالم.