محمد الهارب من ظلم "الأسطى" المصرى للكفيل الكويتى
![محمد الهارب من ظلم](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/2945_71010.jpg)
"من خرج من داره اتقل مقداره"، هكذا يلخص محمد مروان قصته مع الكفيل الكويتى التى كانت ستنتهى بترحيله وعودته إلى مصر بعد أقل من عام، إلا أن الظروف ساعدته بوقوف بعض المصريين المقيمين هناك بجانبه.
قال محمد الحاصل على دبلوم صنايع، لـ "الوطن"، إنه حصل على تأشيرة للكويت عن طريق إعلان صغير فى الجريدة يطلب عمال لمصنع ألبان هناك، بعد أن ضاق به الحال فى مصر من عمله بورشة خراطة صغيرة بالقرية، ونصحه أحد أقاربه بالسفر حتى يستطيع أن يتزوج الفتاة التى خطبها حوالى 4 سنوات.
من قرية الجباب بسوهاج، انطلق محمد 25 عاما، إلى رحلته الغامضة التى كان ينتظر أن يجنى ثمارها، طبقا للراتب المذكور فى التعاقد 350 دينارا كويتى فى الشهر، وخطط أحلامه مع والدته، وقرر فى خطته أن يرسل لها مبلغ شهري لتبدأ فى تجهيز عش الزوجية، ومبلغ آخر ليعول الأسرة.
وتحركت الطائرة وقلب محمد يرفرف من السعادة، ها هو يهرب من الظلم الذى كان يعانيه من "الأسطى" فى الورشة، هذا بخلاف راتبه الذى يصفه بالضئيل جدا حيث كانت يوميته 50 جنيها.
وصل محمد إلى الكويت وشعر بالفخر وهو يدخل المصنع، واستلم العمل على الماكينة، ولم يعطى أذنه لشكاوى العمال الآخرين من الكفيل، حتى اصطدم هو الآخر بظلمه.
يصف محمد إحساسه بالضعف والغربة الذى شيب رأسه باكرا، "فجأة لقيت نفسى بشتغل 12 ساعة يوميا، وكمان بشتغل عامل نظافة جنب شغلى على الماكينة، أما المرتب فوجدته 150 دينارا فقط".
فى البداية قرر أن يشتكى وبدأ ينضم لصفوف العمال المظلومة داخل المصنع، "لكن عرفت إنك لو عملت مشاكل الكفيل بيروح يشتكيك للشرطة"، ويعقب ذلك إجراءات حازمة جدا شاهدها محمد مع أحد العمال.
يتذكر محمد أن هذا العامل حاول الاعتراض، فقرر أن يتغيب عن العمل حتى ينصت الكفيل له ويكف عن "مص دمه"، لكن الأمر انتهى بمحضر صغير حرره الكفيل ضده فى قسم الشرطة، ثم تم ضبط وإحضار العامل، ووضعه فى مبنى الإبعاد، وهو مبنى سكنى يتم التحفظ فيه على الوافدين ويمنعون من الخروج، حتى يتم ترحيلهم، وغالبا بدون الحصول على مستحقاتهم المالية.
بدأ محمد فى مقارنة العذاب الذى يذوقه على يد الكفيل الكويتى، وبين التطاول اللفظى الذى كان يلقاه من "الأسطى"، وشعر إنه لا يوجد فرق بين الظلم هنا وهناك، "لكن لما تتظلم فى بلدك هتروح بالليل تحط رأسك على حجر أمك وتعيط، لكن فى الغربة ما فيش رحمة".
محاولات محمد أصبحت متخبطة بعد أن فقد الأمل فى الفرار من ظلم الكفيل، "لأنها بلاده وحقه فيها مضمون"، وحاول عن طريق شخص مصرى مقيم معه فى نفس البلد تعرف عليه خلال صلاة الجمعة وقص عليه حكايته وقرر أن يساعده، بنقل تأشيرته ليعمل عامل نظافة فى مطبعة، بعد أن دفع للكفيل 2000 دينار للحصول على جواز سفره، وإنهاء تعاقده.
"والله بكيت لما الناس المصريين ساعدونى ولموا لى الفلوس واعتبروا إنها مساعدة"، محمد يعمل الآن مع كفيل آخر، يصفه بالمحترم، "مش بياخد جوزات السفر من الناس وبيقبضنى كويس".
يذكر إن الكويت تعمل الآن على إنشاء الهيئة العامة للقوى العاملة، التي ستنظم العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد لحماية حقوق الطرفين، والتى بدورها ستلغى نظام الكفيل نهائيا.