«الأنشطة المالية غير المصرفية».. تعديلات تشريعية تبشر بانطلاقة كبرى فى 2019
![الأنشطة المالية غير المصرفية](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/1282371471549737028.jpg)
الأنشطة المالية غير المصرفية
شهدت الأنشطة المالية غير المصرفية تطوراً كبيراً على صعيد التعديلات التشريعية والإجراءات الهادفة إلى مضاعفة حجم الأنشطة وزيادة مشاركتها فى التنمية الاقتصادية خلال السنوات المقبلة.
وانتهت الرقابة المالية من عدة تشريعات، مثل صدور قانون تنظيم نشاطى التأجير التمويلى والتخصيم، بالإضافة إلى تعديل قانون سوق رأس المال والانتهاء من إعداد مشروع قانون تنظيم التمويل الاستهلاكى ومشروع القانون الموحد للتأمين وصناديق التأمين الخاصة.
وأكد عدد من الخبراء أهمية التعديلات التشريعية التى شهدتها تلك الأنشطة خلال السنوات الأخيرة فى رفع معدلات الوعى بتلك القطاعات وزيادة نسبة اختراقها وتحسين أداء الشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى رفع معدلات النمو والتحصيلات الضريبية من قبل الدولة، وطالب الخبراء بالاستمرار فى استكمال البنية التشريعية والتكنولوجية لأنشطة الرقابة المختلفة لدعم نموها وزيادة الأدوات الجديدة أمام المستثمرين.
فى البداية، قال الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن استراتيجية الهيئة لتطوير الأسواق المالية غير المصرفية خلال الفترة من ٢٠١٨-٢٠٢٢ ترتكز على 10 محاور رئيسية، ممثلين فى خلق نظام مالى غير مصرفى احتوائى ومحفز للنمو الاقتصادى، تحسين معدلات الشمول المالى والمساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة مع زيادة أعداد المستفيدين من التمويل متناهى الصغر لتصل 4 ملايين مستفيد وزيادة حجم التمويل إلى 15 مليار جنيه، وتحسين مستويات الشفافية ومكافحة الفساد، ومستويات الحوكمة وتحقيق إدارة أفضل للمخاطر المتعلقة بسلامة واستقرار النظام المالى والمساهمة فى تحسين تنافسية الاقتصاد القومى وجاذبيته للاستثمارات الأجنبية، وأضاف أن المحاور تضم أيضاً تطوير الأسواق المالية وابتكار حلول وخدمات مالية غير تقليدية بالإضافة إلى رفع مستويات التوعية والثقافة المالية، تقوية الإطار التشريعى للقطاع المالى غير المصرفى وتجهيز البنية القانونية والتكنولوجية اللازمة لاستحداث أدوات مالية جديدة وأخيراً تحقيق المزيد من الانفتاح للقطاع المالى غير المصرفى على الاقتصاد العالمى، وأشار إلى أن إدارته تستهدف الاستمرار فى دعم تلك الأنشطة بهدف تحقيق الشمول المالى ورفع درجة مساهمتها فى معدلات النمو، مضيفاً أنه فى ضوء هذا الإطار تم الانتهاء من إعداد مشروع قانون التأمين وصناديق التأمين الخاصة وإعداد مسودة أول دليل حماية للمتعاملين بالقطاع المالى غير المصرفى.
محمد عمران: 10 محاور رئيسية لاستراتيجية الرقابة خلال 2018-2022.. «زيادة التمويلات متناهية الصغر» و«تقوية الإطار التشريعى» أبرزها
وأوضح أن إدارته انتهت أيضاً من إعداد مسودة النظام الأساسى لمركز تحكيم الخدمات المالية غير المصرفية، بموجب القانون رقم 10 لسنة 2009 الخاص بإنشاء الهيئة العامة للرقابة المالية، بالإضافة إلى بحث عرض اللائحة الخاصة بصناديق التأمين الخاصة فى حوار مجتمعى قريباً، عقب تلقى مقترحات كافة الجهات المعروضة عليها اللائحة لمراعاتها قبل عرضها فى اجتماع مجلس إدارة الهيئة، ومن ثم عرضها للحوار المجتمعى، وأشار إلى أن الهيئة قطعت شوطاً كبيراً فى تفعيل بورصة العقود الآجلة، فضلاً عن إعداد حزمة من مشروعات القرارات لتفعيل نشاط بورصات العقود الآجلة فى مجال تداول العقود المشتقة من الأوراق المالية وفقاً لأفضل الممارسات الدولية للقواعد والقرارات المنظمة لبورصات العقود الآجلة.
وتابع: «بالإضافة لمشروع قانون التأمين الشامل ووضع صيغة تنظم نشاط التأمين التكافلى، والعمل على ممارسة نشاط التأمين الإجبارى على السيارات من خلال مجمعة تأمينية متخصصة والسماح بتأسيس شركات تأمين متناهى الصغر برؤوس أموال مناسبة لنشاطها، وإجازة إصدار منتجات تأمينات حياة وتأمينات عامة معاً لشركات التأمين متناهى الصغر وفقاً للضوابط التى تضعها الهيئة فى هذا الشأن»، وأكد «عمران» أن الهيئة تولى أهمية كبيرة خلال المرحلة القادمة لوضع سياسات من شأنها التوافق مع مبادئ التنمية المستدامة عبر استحداث أدوات جديدة لتعزيز النمو المستدام، مثل تطوير السندات الخضراء لتشجيع الاتجاه نحو التمويل الأخضر بشكل عام.
وعلى صعيد الإطار التشريعى، قالت الدكتورة نيرمين طاحون، الشريك المدير لمكتب طاحون للاستشارات القانونية إن وجود بيئة ذات إطار تشريعى ومقومات وحوافز استثمارية جاذبة تخلق بدورها نوعاً من المرونة للمستثمرين وتجذب مزيداً من رؤوس الأموال وتعطى ارتياحاً للمستثمر عبر تحديد أفضل سبل لاستثماراته، وأضافت أنه فى ظل الأزمة على الصعيد العالمى والتوجه الواضح لرفع أسعار الفائدة وارتفاع تكاليف التمويل، يصبح تنويع الأدوات والبدائل التمويلية غير المصرفية الخيار الأنسب للخروج من عباءة القطاع المصرفى والاعتماد على البدائل التمويلية غير المصرفية كسبيل رئيسى لتوفير السيولة اللازمة لاستكمال مسيرة الإصلاح وتعزيز حجم الاستثمارات.
وأكدت ضرورة عدم الاكتفاء بسلسلة التعديلات القانونية لبعض الأنشطة المالية غير المصرفية واستكمال خطة الإصلاح التشريعى لباقى الأنشطة لا سيما قطاع التأمين، بالإضافة لإعادة النظر فى التشريعات الخاصة بعدد من المجالات الحيوية؛ لدعم تدفق المستثمرين والمؤسسات الخارجية الكبرى إلى السوق بما يتناسب مع حجم الفرص المتاحة، وأشارت لأبرز العقبات أمام جنى ثمار التعديلات التشريعية والممثلة فى عدم تحقيق التنسيق الكامل بين كافة مؤسسات الدولة لتحقيق الأهداف المرجوة، والتى تتطلب مزيد من تسهيل الإجراءات وإتاحة المعلومات، ودعم قدرة كافة المؤسسات على التأقلم والتعامل الأمثل مع التعديلات التشريعية الجديدة ومواكبتها بما يتناسب مع الهدف من إقرارها وتعديلها، وأكدت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة فاروس القابضة للاستثمارات المالية أهمية توجهات الهيئة خلال الفترات الأخيرة نحو إجراء مزيد من التعديلات على صعيد الأدوات المالية والإطار التشريعى للأنشطة المالية غير المصرفية بهدف تحقيق فكرة الشمول المالى بمختلف القطاعات المالية، وأضافت أن التعديلات التشريعية الأخيرة على صعيد تلك الأنشطة ستسهم خلال مدى زمنى يتراوح بين 3 و 5 سنوات فى زيادة نسبة اختراق الخدمات المالية غير المصرفية وتحسين أداء الشركات الصغيرة والمتوسطة بصورة كبيرة، بالإضافة إلى رفع معدلات النمو والتحصيلات الضريبية من قبل الدولة، وأشارت إلى أن الاستمرار فى تطوير ودعم تلك الأنشطة سيدعم الدولة أيضاً فى تحديث قاعدة البيانات بصورة دورية وضمان وصول الدعم لمستحقيه، فضلاً عن تزويد القاعدة ببيانات دورية عن معدلات البطالة الحالية.
شريف سامى: سرعة نفاذ التشريعات الجديدة مطلب رئيسى لتنشيط القطاع المالى غير المصرفى.. والسوق شهدت طفرة خلال الفترة الماضية.. ونيرمين طاحون: التوجه العالمى لرفع أسعار الفائدة يعزز حاجة الاقتصاد لاستكمال البنية التشريعية للأنشطة غير المصرفية
وأوضحت أن تلك الأنشطة تشهد نمواً قوياً وحركة تمويل مستمرة بدعم من تنوع مؤسسات التمويل المتاحة، لا سيما الخاصة بشريحة الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر والتى ستنعكس بصورة تدريجية على تحسين مصادر الدخل، مشيرة إلى أن الفترة الحالية جارٍ إعادة النظر فى أنشطة التمويل العقارى والتمويل الاستهلاكى فى إطار استراتيجية الرقابة المالية لدعم كافة الأنشطة المشرفة عليها.
على صعيد قطاع التأمين، قال محمد مهران، العضو المنتدب لشركة أليانز للتأمين - مصر، إن إصدار القانون الجديد للتأمين يعد على رأس متطلبات قطاع التأمين من الهيئة العامة للرقابة المالية، حيث إنه يعد قاعدة أساسية لتطوير صناعة التأمين بالسوق المصرية خلال المرحلة المقبلة، مطالباً بأن يكون هذا القانون الجديد معبراً عن كافة الأطراف المعنية بهذه الصناعة. وأضاف «مهران» أن القانون الجديد سيسهم عقب تطبيقه فى تطوير البيئة التشريعية للقطاع لتواكب التطورات الاقتصادية المحلية والعالمية، وهذا ما تسعى الهيئة العامة للرقابة المالية لتحقيقها بما يعود بالنفع على القطاع، وزيادة محفظة الأقساط، ورفع نسبة مساهمة القطاع فى الناتج المحلى الإجمالى، وأشار إلى أن هناك مقترحات أيضاً يجب اهتمام الهيئة بها، ومنها زيادة عدد التأمينات الإجبارية بالسوق المصرية والتى تعد سلاحاً قوياً للمساهمة فى زيادة الوعى التأمينى خلال الفترة القادمة، كما تعد إحدى وسائل المسئولية المجتمعية نظراً لتغطيتها أخطاراً تتعلق بالأضرار العامة والخاصة للطرف الآخر، موضحاً أن المسئوليات المهنية على رأس الوثائق المطلوب تفعيلها إجبارياً خلال الفترة المقبلة لتغطية الأخطاء لبعض المهن، مثل الأطباء والمهندسين والمراجعين المحاسبين، تسهم هذه التأمينات فى زيادة محفظة أقساط القطاع لتصل إلى المعدلات العالمية.
ومن ناحيته، قال أحمد عارفين، العضو المنتدب للشركة المصرية للتأمين التكافلى «ممتلكات»، إن هناك مطالب من شركات التأمين التكافلى العاملة بالسوق المصرية بضرورة إدراج باب منفصل لنشاط التأمين التكافلى فى القانون الجديد، موضحاً أن هذا المقترح تم تقديمه للهيئة للعامة للرقابة المالية ضمن مقترحات قطاع التأمين حول المسودة الأولية للقانون.
«فاروس» تتوقع جنى ثمار التعديلات التشريعية خلال 5 سنوات.. و«تطور الشركات الصغيرة» و«نمو التحصيلات الضريبية» أبرز المكاسب.. ومحمد مهران: القانون الجديد قاعدة أساسية لتطوير صناعة التأمين.. و«عارفين»: نطالب بتوضيح طبيعة عمل «التأمين التكافلى» لزيادة استثماراته
وأوضح «عارفين» أن وجود مادة توضيحية لطبيعة نشاط التأمين التكافلى سيسهم فى زيادة الوعى التأمينى بهذا النشاط، بما يدعم الاستثمارات المحلية والأجنبية العاملة بهذا النشاط، وكذلك تشجيع الاستثمارات الجديدة الراغبة فى التوسع بهذا النشاط الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن القانون الجديد كان مختصراً للغاية فى وصف نشاط التأمين التكافلى وطبيعة عمله فى المسودة الأولية له، متمنياً تدارك ذلك خلال المسودة النهائية للقانون، وأضاف أن هذا النشاط التأمينى يُعد فى بدايته ويحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل لانتشاره بشكل أوسع، موضحاً أن الشركات طالبت فى البداية بوثائق منفصلة للتأمين التكافلى، لكن الهيئة تعاملت ببوليصة واحدة للتأمين التجارى والتكافلى، ولكن الآن اختلف الأمر، ولا بد من إيجاد إطار واضح لتحديد كيفية تأسيس شركات «التكافلى»، ووضع ميزانية خاصة بها وفقاً لضوابط وأطر محدد.
طفرة تشريعية خلال الفترة الماضية
قال شريف سامى، الخبير المالى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية سابقاً أن الخدمات المالية غير المصرفية شهدت طفرة تشريعية كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك بهدف توفير مزيد من قنوات التمويل وتيسيرها، لا سيما للشركات المتوسطة والصغيرة وصولاً للمشروعات الفردية.
وأشار إلى أن أبرز متطلبات المرحلة الحالية لمضاعفة دور الأنشطة والخدمات المالية غير المصرفية فى تنمية المنظومة الاقتصادية تتمثل فى بدء التطبيق الفعلى للتشريعات الجديدة والقوانين المعدلة بهدف جنى ثمارها على صعيد رفع معدلات النمو ونشاط سوق المال، وما يرتبط بذلك من فرص عمل ورواج اقتصادى.
وتوقع «سامى» أن يشهد العام الجارى صدور مجموعة من القوانين فى مجال الخدمات المالية غير المصرفية لاستكمال المنظومة وبدء التحاور المجتمعى بشأنها، فى مقدمتها قانون جديد للتأمين يمثل أول تحديث جوهرى لهذا القطاع الهام منذ عام 1981، بهدف محاكاة التطور الكبير فى صناعة التأمين عالمياً ومحلياً وما صاحبها من صيغ مثل التأمين التكافلى والتأمين متناهى الصغر والتطبيقات التكنولوجية، وجميعها عناصر يفتقدها القانون الحالى. أضاف أن الفترة الحالية تشهد الإعداد لتنظيم التمويل الاستهلاكى للموازنة بين حماية المشترى والحفاظ على حقوق البائع، مؤكداً أهمية مراعاة الانتشار الكبير لنشاط التقسيط فى كافة المدن والقرى وصعوبة مراقبة كل منشأة تمارسه، بالإضافة إلى إشكالية إثبات الدخل.
وتوقع أن تشهد الأنشطة غير المصرفية أيضاً تيسيرات وحوافز على صعيد توجهات الحكومة نحو إصدار قانون جديد للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، بما يعزز من قدرة تلك المنشآت على النمو وما يرتبط به من المزيد من الاستفادة من الأنشطة المالية غير المصرفية، بالإضافة إلى نشاط سوق المال بدعم من تعديلات قانون سوق رأس المال واستحداث تنظيم الصكوك والسندات قصيرة الأجل، ما يزيد من تنوع أدوات التمويل المتاحة أمام الشركات وحتى الهيئات الحكومية.
واستعرض «سامى» الطفرة التشريعية التى شهدتها تلك الأنشطة خلال السنوات الماضية، عبر صدور أول قانون للتمويل متناهى الصغر فى نوفمبر 2014 وبدء تفعيله فى العام التالى، ليصل عدد الجمعيات الأهلية الحاصلة على ترخيص مزاولة النشاط إلى 950 جمعية أهلية يقدر عدد عملائها مجتمعين بنحو 3 ملايين عميل وأرصدة تمويل تعدت 11 مليار جنيه. بالإضافة إلى صدور أول قانون لتنظيم الضمانات المنقولة فى 2015 وإطلاق سجل إلكترونى.