عقوبة "الإعدام" بين حقوق الإنسان والشريعة.. تقاطع أم تعارض؟
عقوبة «الإعدام» بين حقوق الإنسان والشريعة.. تقاطع أم تعارض؟
نفذت مصلحة السجون، صباح اليوم الأربعاء، حكم الإعدام شنقاً بحق 9 مدانين باغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، في يونيو 2015، أثناء خروجه من منزله في منطقة مصر الجديدة بمحافظة القاهرة، بعد انتهاء جميع درجات التقاضي.
الحكم يعيد الجدل حول إلغاء عقوبة الإعدام اتساقًا مع مبدأ الحق في الحياة الذي أقرته الآليات والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومدى تقاطع أو تعارض القيم والمثل الحقوقية مع الدين الإسلامي.
"الوطن" تعرض في السطور التالية، وجهة النظر الحقوقية والدينية، ومدى ملائمة الاتفاقيات والمعادات الخاصة بحقوق الإنسان مع طبيعة المجتمع المصري، وتعرض كذلك المسئولية الدولية لمصر فيما يتعلق بإلغاء العقوبة.
سلام: رفنضا إلغاء العقوبة في توصيات الاستعراض الدوري الشامل
قال الدكتور صلاح سلام، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن مصر رفضت التوصية بإلغاء عقوبة الإعدام خلال آخر جلسة استعراض دوري شامل خضعت لها بمجلس حقوق الإنسان في 2014.
وأضاف سلام لـ"الوطن": "عقوبة الإعدام موجودة لدينا في الشريعة بما يعرف بـالقصاص، وهناك عدد غير قليل من الدول رفضت أيضًا إلغاء هذه العقوية، وليست مصر وحدها، مؤكدًا أن الدولة غير ملزمة أمام لجان المعاهدات الدولية بأية التزامات خاصة بمسألة الإعدام".
وأوضح عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن الدين الإسلامي أقر حزمة كبيرة من المسائل المتعلقة بحرية الإنسان وحقوقه، أهمها حرية الرأي والتعبير وإرساء حقوق المرأة، فضلًا عن العدالة الاجتماعية ومبدأ التكافل الموجود في فريضة الزكاة.
زيادة: الدولة غير ملزمة بإلغاء العقوبة.. وأبدت تحفظاتها على البروتوكول الاختياري الخاص بإلغائها
وقالت داليا زيادة مدير ومؤسس المركز المصري لدراسات الديمقراطية الحرة، إن مصر قدمت تحفظاتها للأمم المتحدة على البروتوكول الثاني الخاص بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام، الأمر الذي لا يجعلها ملزمة أمام لجان المعاهدات بتقديم حتى تبرير تنفيذ العقوبة.
وأضافت زيادة لـ"الوطن"، أن تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهمين باغتيال النائب العام جاء بعد محاكمات امتدت لسنوات وفق الإطار القانوني القائم في الدولة، مُشيرة إلى أن القانون الدولي لا يحظر عقوبة الإعدام من الأساس، ولكنه يحصرها في الجرائم الأشد خطورة، ويشترط مرورها بالآليات القانونية للدولة محل الحكم.
وأشارت زيادة إلى أن المنظمات المعروفة بعداءها لمصر لن تستطيع الهجوم خاصة في هذه القضية، لأن هذا سيوضح بشكل كبير مدى وقوفها في خندق واحد مع الخارجين على القانون والجماعات الإرهابية، لافتة إلى أن حقوق الإنسان مجموعة من المثل العليا ولا يمكن فرضها فرض على المجتمعات، لأن كل دولة تتمتع بمجموعة من القيم السائدة فيها، فعلى سبيل المثال المجتمع المصري يرفض فكرة "المثلية"، في الوقت الذي يتبارى عدد كبير من الجهات والمنظمات الدولية للدفاع عن المثليين.
علوي: القصاص شرع لوقف الاعتداء والظلم.. جمعة: الإعدام للقتل العمد فقط
وفي الناحية الدينية، انتقد الدكتور علوي أمين، عميد كلية الشريعة الأسبق بجامعة الأزهر، دعوات إلغاء عقوبة الإعدام، مطالبًا بالبحث عن حقوق المقتول قبل البحث عن أي حقوق شخص قاتل ومجرم، معتبرًا ذلك تلاعب في مسمي حقوق الإنسان.
وأضاف لـ"الوطن": "القصاص شرع لوقف الإعتداء والظلم، وردع النفوس الغير سوية"، وروى الشيخان عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر الكبائر، أو سئل عن الكبائر، فقال (الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وقول الزور)".
وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن الإسلام جاء بنظام نراه في عقيدتنا أنه أحسن نظام قائم فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، فهو فتح المجال لتطبيق العقوبة وعدم تطبيقها في حالات أخري، فنظامنا لم ينفي الإعدام ولم يحتم الإعدام كما حدث مع أنظامه أخري إستمت بالتطرف في فكرها.
وأضاف، في فتوى سابقة له: "إن الإعدام في الشريعة الإسلامية يندرج تحت مسمي القصاص، فيقول الله تعالي (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)، والقتل انقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول بالخطأ، وهو عبارة عن قتل شخص لأخيه بالخطأ، فهناك عدم قصد في وقوع القتل كحدواث السيارات، وهنا لا يوجد إعدام، والنوع الثاني هو شبه العمد، ويحدث ذلك في المشاجرة التي لا يستخدم فيها أسلحة كالسكين أو المسدس او السيف، فهنا لا يوجد شبه عمد، بل قسوة في التعامل وهذا النوع ليس به إعدام، والنوع الثالث وهو القتل العمد وهناك يكون القصاص بالإعدام حتي يكون رادع لأي شخص يرتكب تلك الجريمة".