صدمة ودموع وتصوير.. الذين رأو آثار الحادث بعد 48 ساعة: «ما كناش نعرف»
عثمان محمد
هاتف صغير الحجم، قديم الإنتاج، لا يدعم إلا الاتصال فحسب، وبه كاميرا سيئة الجودة، لكنها كانت كافية لعثمان محمد ليلتقط بها صورة. ورغم بشاعة الحادث الذى وقع فى محطة مصر صباح الأربعاء الماضى، فإن الشاب لم يسمع عنه، وكانت الصدمة على وجهه أوضح ما تكون. لم يكن وحده الذى عرف مؤخراً بذلك الحادث، فآخرون غيره بدا لهم مشهد رصيف 6 مثيراً للتساؤل والاستغراب: «إيه اللى حصل؟!».
«محمد»: «اتخضيت لما شفته كده.. ومابقتش فاهم إزاى محدش وقّف الجرار ولا نبّه الناس»
يعمل عثمان محمد فى نقل الطوب باليومية، يبدأ عمله فى الصباح، وينتهى مع حلول الظلام، ثم يعود إلى منزله بجسد مرهق، ورأس به أفكار لجمع أكبر قدر ممكن من المال من أجل الزواج، ولأنه يعيش وحيداً بغرفة داخل قرية بكفر الشيخ، لم يصل إلى الشاب ذلك الخبر الخاص باصطدام جرار بمصدة خرسانية نهاية الخط، وكان سبباً فى وفاة أكثر من 20 شخصاً وإصابة آخرين.
«ولا حد قال لى ولا عاد لى، عشان قاعد لوحدى لا ليا اصحاب ولا غيره، وفى الشغل محدش جاب سيرة»، يحكى الشاب الذى وقف مذهولاً أمام المشهد، يسأل الناس عن سبب الحادث، وعدد الضحايا، ثم يتساءل عن بقية القطار، وما إذا كانت العربات قد أمكن رفعها من على القضبان من عدمه: «حسبت إنى مش فى الدنيا والله، كل الناس عارفة إلا أنا»، مشيراً إلى أن قدومه للقاهرة كان متعلقاً بالبحث عن فرصة عمل: «وحتى اللى جايله ماجابليش سيرة عن الموضوع ده خالص».
من أسيوط، قدم محمد منصور، لإنجاز بعض الأعمال فى القاهرة، لا يملك الشاب هاتفاً به إنترنت، ولا تلفاز لديه، وكل ما عرفه من خلال حديث الناس، أن قطاراً تسبب فى حادث بالقاهرة، واعتبره ضمن الحوادث المتكررة للقطارات، لكن رؤيته للجرار داخل المحطة غيرت منظوره للأمر تماماً: «اتخضيت طبعاً، إزاى ده يدخل المحطة بالشكل ده ومحدش يقدر يوقفه ولا يتصرفو ولا ينبّهوا الناس». يجلس كمال عوض على الرصيف، ومن أمامه عكاز يضع ذقنه فوقه، وعينه مصوبة تجاه المكان المحترق، ويحاول كتم دموعه. «أنا أول مرة أشوفه، سمعت عنه من كلام الناس لكن لا ليا فى النت ولا الجرايد» يحكى ذو الـ72 عاماً، متمنياً عدم تكرار مثل هذا الحادث فحسب: «بركب القطر ده كتير ما اتمناش يحصل لى كده».