5 ملفات تتصدر اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين فى واشنطن
إحدى جلسات اجتماعات الربيع
1) ارتفاع مخاطر الدين
شهدت الاجتماعات مناقشات موسّعة حول ظاهرة ارتفاع المخاطر المصاحبة للديون السيادية حول العالم، خاصة بعدما سجل حجم الدين العالمى 250 تريليون دولار بنهاية نوفمبر 2018، بما يمثل 318% من الناتج العالمى، الأمر الذى يتطلب تعاون الدول فى وضع استراتيجيات، لمواجهة هذه القيم المتفاقمة، وآثارها السلبية على الاقتصاد العالمى، ومعدلات نموه.
تحذير من تفاقم مديونية الشركات الأمريكية والبنك الدولى يتبنى استراتيجية جديدة للمواجهة
وأعلن ديفيد مالباس، رئيس البنك الدولى الجديد، عن برنامج جديد حول شفافية الدين وخطط التعامل معه، بالتعاون مع مجموعة دول العشرين.
وأشار خلال فعاليات الاجتماعات إلى أن إشكالية تراكم الدين على الدول النامية يؤثر بشكل سلبى على معدلات النمو، خاصة أنه يزيد من حجم الأعباء الملقاة على عاتق الدول المقترضة، لافتاً إلى أن هناك 17 بلداً أفريقياً فى خطر تزايد المديونية، مع تزايد الأرقام بشكل مستمر.
"التفاؤل الحذر" عنوان النظرة المستقبلية
ونوه صندوق النقد فى تقرير صادر عنه للمخاوف التى أثارها المسئولون الأمريكيون بشأن ارتفاع مستويات ديون الشركات، مشيراً إلى أن مخاطر قطاع الشركات تبدو مرتفعة فى نحو 70%، من البلدان ذات الأهمية النظامية، وقد يؤدى التشديد السريع للظروف المالية إلى تراجع اقتصادى حاد، حيث تدهورت الجدارة الائتمانية فى سوق ديون الشركات، وتضاعف حجم السندات ذات التصنيف الاستثمارى الأقل تصنيفاً أربعة أضعاف منذ الأزمة المالية فى عام 2008.
وقال صندوق النقد الدولى: «يبدو أن دورة ائتمان الشركات فى الولايات المتحدة وصلت إلى أعلى مستوياتها فى التاريخ الحديث»، مضيفاً أن نمو الأرباح العالمية «قد بلغ ذروته على الأرجح».
وتابع: «على البلدان ذات المديونية العالية أن تزيد من إيراداتها أو تحد من إنفاقها المفرط. وينطبق هذا بشكل خاص حيثما كان النمو الاقتصادى الجارى أعلى من مستوى النمو الممكن على المدى الطويل، كما هو الحال فى الولايات المتحدة، أو حيثما كانت تكاليف الاقتراض مرتفعة واحتياجات التمويل كبيرة، مثلما نجد فى البرازيل وإيطاليا».
وأضاف «لكن هذه البلدان ينبغى أن تحافظ على استثماراتها فى التعليم والصحة والبنية التحتية، إما بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق أو توسيع القاعدة الضريبية، وذلك، على سبيل المثال، بإلغاء الإعفاءات الضريبية وتحسين الإدارة الضريبية». وأكد أنه إذا كان التمويل شاغلاً أقل أهمية بالنسبة للبلد المعنى، مثلما هو الحال فى ألمانيا وكوريا، يمكن لصناع السياسات زيادة الاستثمار فى البنية التحتية أو التعليم، لدعم الاقتصاد على المدى القصير، وتشجيع النمو الاحتوائى على مدار العقود القليلة القادمة.
2) تغير المناخ
أصبحت ظاهرة الاحتباس الحرارى، من أهم الظواهر التى سيطرت على المناقشات العالمية خلال الفترة الماضية، خاصة فى ظل التطورات الكبيرة التى شهدتها الكرة الأرضية، ودرجة الحرارة الخاصة بها، الأمر الذى يحمل تهديدات كبيرة للبشر، والموارد الطبيعية والاقتصادية المختلفة، وينذر بظروف مستقبلية أكثر صعوبة. وبدأ العالم فى وضع سيناريوهات لمواجهة هذه الظاهرة منذ 1972، وعقب ذلك تنظيم العديد من المؤتمرات التى تستهدف وضع حلول للتغلب على ظاهرة تغير المناخ، ولكن بقيت هذه الحلول مجرد اقتراحات فقط، ولم تدخل مرحلة التنفيذ منذ ذلك التوقيت.
وبموجب الاتفاقيات الدولية تتعهد الدول المتقدمة بتقديم مساعدات إنمائية تصل إلى 100 مليار دولار للدول النامية للتغلب على هذه الظاهرة، ولكن لم تبادر الدول المتقدمة بتنفيذ هذا الاتفاق، الأمر الذى دفع الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى بمطالبة هذه الدول بالوفاء بوعودها، مؤكداً أن الدول الأفريقية هى الأكثر تضرراً من ظاهرة تغير المناخ على الرغم أنها أقل المسببين لها.
"الاحتباس الحرارى" الظاهرة الأكثر خطورة على البشر ومساعدات الدول المتقدمة لـ"النامية" حبر على ورق!
وقال البنك الدولى إنه يركز بشكل أساسى على قضية التغيرات المناخية وتأثيرها على معدلات الفقر داخل أفريقيا، حيث يقوم البنك بوضع هذه القضية ضمن خطة عمله خلال الفترة المقبلة، وذلك بهدف تكثيف الجهود نحو خفض مستويات الفقر داخل القارة السمراء. ويقترح صندوق النقد عدداً من العوامل للتغلب على هذه الظاهرة فى مقدمتها تخفيف الانبعاثات، فقد أكد أنه من المحتمل أن تكون ضرائب الكربون أو غيرها من رسوم مماثلة على محتوى الكربون فى الفحم والمنتجات البترولية والغاز الطبيعى هى أكثر الأدوات فاعلية فى تخفيض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، وهو المصدر الرئيسى لغازات الاحتباس الحرارى. وهذه الضرائب بسيطة ويسهل تطبيقها، على سبيل المثال، بالبناء على ضرائب الوقود الانتقائية، كما يمكنها تعبئة إيرادات كبيرة للحكومة بحيث يمكن استخدامها لتخفيض ضرائب أخرى مرهقة للاقتصاد، أو تمويل استثمارات داعمة للنمو. كما اقترح الصندوق إصلاح دعم الطاقة، وقال «ينبغى أن يكون تسعير الكربون جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً بحيث يعكس التكاليف الاجتماعية بمختلف أشكالها فى تسعير الطاقة، بما فى ذلك حالات الوفاة من تلوث الهواء وغيرها من الآثار الجانبية البيئية المحلية نتيجة استخدام الوقود».
ووفقاً لتقديرات الصندوق، فإن تسعير كفاءة استخدام الطاقة كان بوسعه تخفيض انبعاثات الكربون فى 2013 بأكثر من 20%، وتخفيض عدد الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء من الوقود الأحفورى بأكثر من 50%، مع تعبئة إيرادات تبلغ 4% من إجمالى الناتج المحلى.
3) التجارة الدولية
ناقشت الاجتماعات دور التجارة الدولية فى تعزيز معدلات النمو، والمشاكل الأخيرة التى واجهتها حركة التجارة العالمية، وتصدرتها الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين التى أثرت بالسلب على حركة التجارة حول العالم.
كما ناقشت الاجتماعات اتجاه الكثير من الدول لاتباع سياسات حمائية على غرار السياسات التى اتبعتها الولايات المتحدة فى إدارة تجارتها مع الكثير من الدول خلال الفترة الأخيرة وتبعها من ذلك معاملة مماثلة من كل من الصين والاتحاد الأوروبى.
وقالت كرستين لاجارد، مدير صندوق النقد الدولى، إن التحديات التى تواجه العالم تشمل التوترات التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين وتباطؤ نمو بعض الاقتصاديات، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وتتطلب إجراءات عاجلة وهيكلية لدعم منظمة التجارة العالمية، وإصلاح ضرائب الشركات ومحاربة جميع أوجه الفساد، داعية إلى ضرورة تعاون دولى أكثر خلال الفترة المقبلة للتغلب على تلك التحديات.
صندوق النقد: قطاعات تجارية ازدهرت فى ضوء نظرة تفاؤلية لمستقبل المباحثات بين "واشنطن" و"بكين"
وأضاف صندوق النقد، فى ورقة بحثية صادرة عنه، أنه على مستوى العالم فإن القطاعات المعتمدة على التجارة ارتفعت وسط توقعات بنتيجة إيجابية للمحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ولكن إذا تعثرت هذه المحادثات فإن منظمة التجارة العالمية تتوقع عمليات بيع متجددة، للحماية من الثغرات المالية، وقال إنه يجب على صانعى السياسة نشر الأدوات الوقائية بشكل استباقى، مثل المخزن المؤقت لرأس المال المضاد للدورة الاقتصادية، واختبار الإجهاد المصرفى على وجه الخصوص، كما يجب على الجهات التنظيمية تطوير أدوات لمعالجة ارتفاع ديون الشركات من الوسطاء غير المصرفيين.
4) التكنولوجيا المالية
ناقشت الاجتماعات التطورات المذهلة التى يشهدها العالم حالياً فيما يتعلق بالتكنولوجيا المالية ودورها فى صناعة جيل جديد من الشركات والمبدعين بالإضافة لدورها المباشر فى تعزيز مؤشرات الشمول المالى ومحاربة انتشار الفساد والقطاع غير الرسمى.
وأكد المتحدثون أن دول العالم بدأت فى اتباع سياسات أكثر جدية لتعزيز النظم المالية التكنولوجية فيها، الأمر الذى يبشر باستمرار التطور فى هذا المجال. وقال صندوق النقد الدولى، فى ورقة صادرة عنه: «يدرك صناع السياسات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإمكانات التى تتيحها التكنولوجيا المالية ويتخذ بعض البلدان خطوات استباقية نحو توفير بيئة مواتية، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى عمل المزيد. وتتضمن أولويات الإصلاحات الرامية إلى سد الفجوات فى الأطر المعنية بالقواعد التنظيمية وحماية المستهلك والأمن المعلوماتى، وتحسين بيئة الأعمال، ومعالجة الفجوات فى البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى جانب اتخاذ تدابير لمعالجة فجوة الثقة».
"فجوة الثقة" و"البنية التحتية" و"ارتفاع التكلفة" 3 أدوات تحد من انتشارها فى الدول النامية
وتابع: «لدعم تطور التكنولوجيا المالية وضمان إدارة المخاطر، يتعين إجراء تغييرات فى الأطر القانونية والممارسات التنظيمية، ومن شأن مراجعة هذه الأطر أن يساعد على ضمان وضوح القوانين القائمة فى تناول المنتجات المالية الرقمية ومعالجة المخاطر التى تنشأ من المنتجات ونماذج الأعمال المبتكرة على النحو الكافى». وأضاف: «يمكن للتوسع فى استخدام المختبرات التنظيمية أن يسهل فهم مخاطر التكنولوجيا المالية بصورة أفضل وضمان تصميم القواعد التنظيمية على النحو الملائم. ويتعين كذلك التحول من وضع القواعد التنظيمية حسب الكيان إلى وضعها حسب النشاط».
5) التوظيف والذكاء الاصطناعى
ناقشت الاجتماعات ملفاً فى غاية الأهمية وهو طبيعة العلاقة الحالية بين التطور التكنولوجى المزدهر وقدرة الأسواق على توليد فرص العمل، خاصة فى الدول النامية المستوردة للتكنولوجيا والتى تضع الآلة أمامها تحديات فى توفير فرص العمل للبشر.
وصدرت العديد من التقارير التى تشير إلى أن تطور أنظمة الأتمتة والذكاء الاصطناعى حالياً ينذر باختفاء نحو 30% من الوظائف الحالية فى غضون 10 سنوات، الأمر الذى يشير لأزمة متوقعة فى توافر فرص التوظيف التقليدية. وطالبت المنظمات الدولية المعنية بهذا الملف الدول المختلفة بضرورة تبنى نظم تعليمية وتدريبية مختلفة تواكب التطور التكنولوجى الحالى، وتمهد لخروج جيل من الشباب يمتلك المهارات الكافية للحصول على فرصة عمل فى ظل منافسة شديدة مع الروبوت والآلة.
وقال تقرير دولى إن مصر تعد فى مقدمة دول الشرق الأوسط القابلة لتطبيق نظم الأتمتة والذكاء الاصطناعى فيها، وأن 48% من الوظائف المتاحة حالياً مهددة بالاختفاء فى المستقبل الأمر الذى يتطلب إعادة هيكلة شاملة لمنظومة التعليم والتدريب.
"الروبوت" يهدد باختفاء ثلثى الوظائف وتقارير دولية: مصر على رأس الدول المهددة
وشهد الإنسان الآلى تطوراً غير مسبوق على مدار العقد الماضى، وخرجت إحصائيات رسمية عن المنتدى الاقتصادى العالمى تتوقع أن يتسبب الروبوت فى فقدان 7 ملايين وظيفة للبشر حول العالم، بحلول عام 2020، كما أكد تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للاقتصاد والتنمية أن «الروبوتات» قادرة على القيام بثلثى الوظائف فى الدول النامية، وهو ما يهدد مستقبل التوظيف فى هذه الأسواق. وفى مصر وعلى الرغم من التقدم التكنولوجى المحدود المطبق فى القطاعات الصناعية المختلفة، فإن الاستعانة بالروبوت فى العمليات الإنتاجية الخاصة بالصناعات التقليدية، أو الحديثة، أصبح فى نمو مستمر، خاصة على صعيد المصانع الجديدة التى يتم إنشاؤها فى المناطق الصناعية المختلفة، والتى سئم أصحابها من التعامل مع البشر الذين اعتادوا على الاعتصام لتحسين ظروف العمل، وطلب الإجازات والمزايا، دون مستوى عالٍ من الإنتاجية، فقرروا الاستعانة بالإنسان الآلى، الذى لا يشكو من طول ساعات العمل، ولا يطلب حوافز مادية.