أصغر بائع أنتيكات فى شارع المعز: الثورة جعلتنى أعيش فى جلباب أبى
هاجس مرير ظل يراود أحمد مصطفى، الشاب الصغير، لسنوات طويلة بأنه سيأتى اليوم الذى يطلب منه والده، صاحب أقدم محل أنتيكات بشارع المعز، أن يكمل مسيرته هو وأجداده، وأن يتولى مسئولية المحل الشهير، ويزاول مهنة النحت على النحاس.
صراع طويل، ظل قائماً بين أحمد مصطفى ووالده، الذى كان يصر على نزول أحمد إلى المحل للتعرف على الحرفة، لكن أحمد كان دائماً يقابل هذا الأمر بالرفض، فهو لا يريد أن يستكمل حياته فى محل الأنتيكات، ويفضل إتمام تعليمه ليصبح «موظف قد الدنيا»، بعيداً عن شغل الخردة.
ظلت عملية الشد والجذب بين الابن ووالده، إلى أن وصل أحمد إلى المرحلة الإعدادية، حيث قامت ثورة يناير، وتبدل الحال، فالبيع والشراء انخفض فى الشارع، خاصة أنه كان يعتمد على الأجانب، مما أثر بشكل كبير على محل الأنتيكات، واضطر والد أحمد إلى التوقف عن دفع مصاريف تعليم ابنه، ولم يلتحق أحمد بالتعليم الثانوى العام، واكتفى بالثانوى الصناعى، ولضيق الحال وعدم مقدرة والده على الإنفاق عليه هو وإخوته، لم يجد أحمد ملاذاً سوى النزول إلى محل الأنتيكات، الذى ظل طيلة عمره يحارب للبعد عنه وعدم العمل فيه.
شهور عدة صعبة، مرت على أحمد فى المحل، جعلته يألفه، ويتعرف شيئاً فشيئاً على الأنتيكات الموجودة فيه، خاصة عندما وجد مدى شغف شخصيات كبيرة بتلك الأنتيكات، من سفراء وأمراء سعوديين وكويتيين، حيث يأتون إلى مصر، وإلى شارع المعز تحديداً لزيارة محل «أنتيكات من زمن فات» المملوك لوالد أحمد.
بدأ أحمد فى التعرف على الأنتيكات، وعلى أصلها وتاريخ صنعها، بل إنه بدأ فى البحث عن الأنتيكات أينما كانت، فأصبح يسافر مع والده إلى الإسكندرية، لشراء الأنتيكات من المزادات، حتى أصبح أصغر بائع أنتيكات فى شارع المعز، ومعظم زبائنه من المشاهير مثل كريم عبدالعزيز ونيللى كريم.
أما عن أكثر الأنتيكات، التى يتم بيعها فى المحل، فكانت الراديوهات القديمة، التى يفضل الناس شراءها، يليها السيوف، حيث وصل سعر السيف القديم إلى 15 ألف جنيه.