سيد درويش.. لحن لا يموت
128 سنة إبداع لـ شيخ الموسيقيين
سيد درويش
31 عامًا عاشها كانت كفيلة لهذا الشاب، ابن محافظة الإسكندرية الذي ولد في مثل هذا اليوم 17 مارس من عام 1892، حتى رحيله في 10 سبتمبر من عام 1923، أن يصبح إمامًا للموسيقيين وشيخًا للملحنين، وزعيمًا شعبيًا، ويحمل النشيد الوطني لمصر بصماته، وعندما تردد "بلادي بلادي لكِ حبي وفؤادي"، تتذكر تلقائيًا الشيخ سيد درويش.
والده درويش البحر، كان بحارًا فقيرًا، بخلاف امتلاكه ورشة صغيرة في كوم الدكة بالإسكندرية، لصناعة "القباقيب والكراسي الخشبية"، كان يتمنى رؤية صغيره "سيد درويش" شيخًا يرتدي "العمة والجِبة والقفطان"، يحفظ القرآن الكريم كاملًا ويجيد تلاوته، وبالفعل ألحقه بـ"كُتاب"، وبدأ شغف الصغير بالاستماع إلى الشيوخ، ويُفتن بأصواتهم، لاسيما "المشايخ" الذين كان يحيون المولد النبوي، والمناسبات الدينية، ويحفظ عنهم، ويسعى لتقليدهم.
توفي والد سيد درويش، قبل أن يكمل الصغير عامه العاشر، وأصرت والدته أن تحقق حلم أبيه في التعلم، وفي المدرسة، جذب سيد درويش، انتباه معلمه، الذي جعله ضمن فريق الأناشيد الدينية بالمدرسة، الأمر الذي أسهم في انجذابه إلى عالم الموسيقى، وبعدها بعدة سنوات، اترك الدراسة، واكتفى بالغناء في الأفراح والموالد، و"يكسب" قوت يومه، حتى حدث كساد في سوق الفن، واضطر بعدها إلى العمل في "البناء" لينفق على أمه وشقيقتيه.
كان سيد درويش، يغني لزملاءه العمال، ولعبت الصدفة دورها، عندما استمع إليه أحد الأشخاص يجلس على المقهى المجاور، وعرض عليه العمل بفرقة شقيقه، ووافق على الفور وبدأ الغناء مع "الكورس" في المسرحيات، وسافر معهم إلى لبنان، ولكن ألقت الأزمة الاقتصادية بظلالها على الفرقة التى تم حلها، ولكنه عاد للعمل معهم بعد عامين في عام 1910، وسافر معهم مرة أخرى.
ذاع صيت سيد درويش، في مجال تأليف الألحان، وعرض عليه الشيخ سلامة حجازي، المجيء إلى القاهرة، والعمل في المسرح الخاص به، وعمل بعدها مع فرقة جورج أبيض، وبدأت ألحانه تتغنى في المدن والقرى، وقرر تشكيل فرقته الخاصة به، ولكن اضطر إلى حلها لجهله بشئون الإدارة، والعودة لتأليف الألحان للفرق الأخرى.
ألّف سيد درويش، ألحان نحو 22 أوبريت، وما يزيد على 70 موشحًا و طقطوقة، وتصادفت وفاته، بالتزامن مع عودة سعد باشا زغلول من المنفى، الذي غنى له سيد درويش في ثورة 1919 "قوم يا مصري".
ألحان سيد درويش، مازالت خالدة حتى هذه اللحظة، وتغنى بها مختلف الأجيال، "الحلوة دي قامت تعجن في البدرية.. والديك بيدن كوكو كوكو في الفجرية"، غنتها الفنانة فيروز.
ألحان سيد درويش، التي تعد جزءًا لا يتجزء من ثروة مصر في الموسيقى والغناء، ويتم تداولها جيلًا بعد جيل، "سالمة يا سلامة"، "زوروني كل سنة مرة"، "أهو دا اللي صار".
ومن أغانيه، "شد الحزام على وسطك"، "أنا هويت"، "خفيف الروح بيتعايق"، "الحشاشين"، "مخسوبكوا إنداس".
الحياة العائلية للفنان سيد درويش، بدأت مبكرًا، حيث تزوج وهو في سن صغيرة 16 عامًا وأنجب نجله محمد البحر، وأنجب من زوجته الثانية نجله حسن.