"حرب أمصال" على حساب البشر.. الوجه القبيح للأزمة
الأمصال
فى خضم حرب يخوضها العالم ضد فيروس كورونا، بدلاً من أن يتشارك لإيجاد حل للخروج من المأزق، تتصارع بعض الدول بضراوة لإيجاد مصل سعياً لتحقيق المكاسب، لنشهد إلى جانب خطر الفيروس الذى يواجه العالم «حرب أمصال» اختلقتها بعض الدول. وسلطت وسائل الإعلام حول العالم الضوء على الغضب الذى انتاب ألمانيا تجاه مساعى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للحصول على صفقة حصرية للقاح الفيروس المستجد، وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستبدأ فى تجريب جرعة من هذا اللقاح.
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة أنباء «سبوتينيك» الروسية الإخبارية، فقد انتقد سياسيون ألمانيون مساعى واشنطن لاحتكار أى بلد للقاح المحتمل الذى ينتظره العالم بفارغ الصبر. وأوضحت وزارة الصحة الألمانية أن الرئيس الأمريكى عرض أموالاً لإغراء شركة «كيورفاك» التى تتبنى اللقاح للانتقال إلى الولايات المتحدة، فى حين تعرض الحكومة الألمانية عروضاً منافسة لإقناعها بالبقاء.
ووفقاً لمسئول بارز بوزارة الصحة الألمانية فإن «هناك جهوداً مبذولة من الحكومة الألمانية لتطوير اللقاحات والمواد الفعالة ضد الفيروس التاجى الجديد فى ألمانيا وأوروبا»، وفى هذا الصدد تقوم بالتواصل مع الشركة المعنية ليكون متاحاً مجاناً للجميع، لكن فى الوقت نفسه، يحاول الرئيس الأمريكى الضغط على مسئولى الشركة للحصول على لقاح ولكن «للولايات المتحدة فقط». وبناءً على ذلك، أقالت شركة «كيورفاك» الألمانية للأدوية البيولوجية، رئيسها التنفيذى دانيال مينيشيلا، من منصبه، بعدما التقى برئيس الولايات المتحدة الأمريكية ومستشاريه فى البيت الأبيض، لبحث تطوير لقاح لفيروس «كورونا»، ما أدى إلى غضب الجهات المعنية.
"أبوطالب": الدول تتصارع على علاج عاجل للوباء لإثبات التفوق والهيبة وتحقيق الربح
وقال الدكتور حسن أبوطالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن الصراع بين الدول على التوصل لعلاج لفيروس كورونا المستجد له شقان؛ الأول يتعلق بفكرة إثبات الهيبة والنفوذ والتقدم الاقتصادى وأن الدولة لديها العلماء والموارد التى تجعلها تتفوق على الآخرين، والأمر الثانى يتعلق بمسألة الربحية، فمن سيتوصل للقاح وعلاج ناجح سوف تكون له الحصة الأكبر من السوق العالمية فى الدواء المعالج للفيروس، وهذا المرض أصبح الآن يهم كل الشعوب والمجتمعات والدول وبالتالى الطلب عليه سيكون عالياً».
وتابع: «هناك تنافس بين شركات الأدوية والتى تتبع دولاً بعينها خصوصاً فى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا فى الغرب، ثم الصين والهند فى الشرق، وهذه الدول لديها خبرة كبيرة جداً ولديها المعامل والشركات الكبرى، وبالتالى الأمر يتعلق بمكانة الشركات فى السوق العالمية للأدوية والدول التى تتبع لها، ومن ثم إثبات دولة ما وكأنها المنقذ للبشرية».
وتعليقاً على قول الرئيس الأمريكى بأن العلاج يجب أن يكون أمريكياً وليس أوروبياً أو آسيوياً، يرى «أبوطالب» أنه نوع من أنواع التحفيز للشركات الأمريكية لتتفاعل مع الأمر بأكبر قدر ممكن» مشيراً إلى وجود منافسات كبيرة بين الشركات الأمريكية نفسها بل ومحاولات تعويق بعضها البعض، وحتى الرئيس ترامب نفسه اجتمع مع عمالقة صناعة الأدوية فى الولايات المتحدة لحثهم على التعاون.
واستدرك «أبوطالب»: «فى مجال التحفيز كانت هناك نزعة عنصرية نسبياً لدى الرئيس الأمريكى، حين يقول إنه لا يريد أن يكون آسيوياً أو غربياً، هذا أمر ليس به حصافة، فهو وباء عالمى يهدد البشرية ككل، هذه عنصرية، وقد نكتشف فيما بعد أن هذا الفيروس منشأه أمريكى، ما يعنى إضرار البشرية كلها بما فى ذلك الشعب الأمريكى نفسه».
وأضاف: الدولة التى ستتوصل إلى علاج ستعزز مكانتها لكن لن تكون هناك دولة واحدة تملك العلاج يمكن أن يكون هناك أكثر من علاج يؤدى إلى نفس النتيجة، خصوصاً أن المشكلة فى أن الفيروس يتحور وله عدة مستويات، وبالتالى هناك تركيبات مختلفة للعلاج الذى سيواجه الفيروس.
وعلق زكريا عثمان، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات، بأنه فى حالة تفاقم الوضع من الممكن أن تتعكر العلاقات الدولية ولكن ليس للحد الذى يصل إلى أزمة دولية، وأنه فى حال توصل أى جهة بحثية معينة فى أى دولة للقاح حقيقى مضاد لفيروس «كورونا»، فمن المتوقع أن يتم توفيره للعالم بأكمله بعد تحقيق الاكتفاء الذاتى للدولة التى تبنت المصل.