بعد إجراء تونس أول "محاكمة عن بعد".. محامون مصريون يرحبون بالفكرة
حما: تُسرع التقاضي وتمنع الفساد.. ونجيدة: تحتاج جهدا ضخما لتطبيقها
المستشار رواد حما، عضو اللجنة القانونية للدفاع عن القضاه سابقا
بعد أنباء عن إجراء تونس، قبل أيام، أول "محاكمة عن بعد" في إطار الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا، رحب قضاة ومحامون بتطبيق الفكرة في مصر، مشيرين لفوائدها الأخرى في تسريع إجراءات التقاضي ومنع الفساد، وطالبوا في الوقت نفسه بضرورة توافر البنية التحتية والتجهيزات اللازمة من أجل تطبيق هذه الفكرة.
وقال المستشار رواد حما، رئيس المحكمة السابق وعضو اللجنة القانونية للدفاع عن القضاة سابقا، إن فكرة "المحاكمات عن بعد" يمكن تطبيقها في مصر أيضا، مؤكدا أنها لا تخالف قانون المرافعات أو قانون الإجراءات، لأن الفيصل الذي يحكمنا هنا هو علانية الجلسات والمحاكمات، وأن الحكم لابد أن ينطق في جلسة علنية.
وأضاف موضحا: "مفهوم العلنية في القانون هو أن تكون المحاكمة على مسمع ومرأى من الجمهور، ووسائل العلنية ليس شرطا أن تتحقق بالاتصال المباشر، فمن الممكن أن يتم ذلك بالفيديو كونفرانس مثلا، وبالتالي فإن هذا النوع من المحاكمات جائز".
وأشار "حما" إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما اجتمع قبل أيام بوزير العدل، وقال له نريد أن نحول إجراءات التقاضي لإجراءات رقمية، بحيث إذا ما استمرت أزمة كورونا، نكون مستعدين لإستئناف المحاكمات، ويبقى السؤال المهم هنا هو توافر الإمكانيات اللازمة لذلك.
وتابع أن المحكامات لا ترتبط فقط بالحضور، وإنما بإجراءات ومراحل كثيرة منها مثلا إبداء مرافعة، وتقديم مذكرة، وتقديم مستندات، واطلاع على مستندات، وكل هذا يمكن أن يحدث بشكل رقمي على الإنترنت، ولكن لابد أن تكون هناك أجهزة وبرامج تساعد على ذلك، وأن تكون متاحة لطرفي القضية وللقاضي، مشيرا إلى أنه يمكن مثلا إذا تقدم أحد أفراد القضية بحافظة مستندات، أن يتم تصويرها بالماسح الضوئي "الإسكانر"، وأن يطلع عليها الخصم في نفس اللحظة لإبداء دفاعه فيها.
وردا على سؤال حول ما إذا كان ذلك يمكن أن يساعد في تسريع منظومة العدالة أكثر، قال القاضي السابق الذي يعمل بالمحاماة حاليا: "بالتأكيد طبعا، حيث سيؤدي ذلك لسرعة إجراءات التقاضي، وبدلا من أن نقول إننا سنطلع على الأوراق بعد أسبوع، أو 10 أيام، والريس لسه ما جاش، فإن الرقمية ستقضي على البيروقراطية".
وبالإضافة لما سبق، وفقا لـ "حما" فإنها "ستمنع أي إمكانية للتلاعب أو الفساد الإداري، من خلال تلاشي الإجراءات التي يتدخل فيها موظفون، ومن الممكن أن يتم فيها أي تلاعب، أو رشاوى مقنعة، حيث لن يكون هناك اضطرار لدفع مبلغ مثلا للسكرتير أو أمين السر للإطلاع على الأوراق، لأنه طبقا للإجراءات الرقمية فإنه بمجرد تقديمها سيتم الاطلاع عليها".
وفي السياق نفسه، أبدى طارق نجيدة، المحامي بالنقض والدستورية العليا، تأييده للفكرة، بشرط توافر البنية التحتية اللازمة لها، وضمانات العدالة التي يجب أن يشعر بها طرفي التقاضي، لافتا إلى ذلك ربما يستغرق منا وقتا أطول وجهدا ضخما حتى نصل لهذه المرحلة.
وأضاف: "المحاكمة عن بعد باستخدام التكنولوجيا الناقلة للصورة والصوت والمستندات يحتاج إلى بنية تحتية فوق تصورنا، والمسألة ليست مجرد أجهزة كمبيوتر ستوضع أمام ناس، وإنما مسألة عدالة ستتحقق".
وتابع: "نحن نحقق العدالة وضماناتها الان بمبدأ المواجهة بين الخصوم، والوصول لمرحلة أن المحاكمة تتوافر فيها ضمانات الشفافية والنزاهة جاء عبر قرن أو أكثر من الزمان، لكن عبر الصورة المنقولة الوضع سيختلف كثيرا لضمان الثقة والنزاهة والشفافية، وإحساس طرفي النزاع بالعدالة".
وأضاف: "المطالبة بهذه الضمانات ليس معناه أننا ضد هذه الفكرة، بل على العكس، حيث أنها ستتحقق بإذن الله وسنراها إذا أطال الله في أعمارنا، وسيكون لها ما لها وعليها ما عليها، ولكن بعد توافر البنية التحتية والضمانات اللازمة".
وأبدى المحامي بالنقض والدستورية العليا، تأييده في الوقت نفسه، للآراء القائلة بأن التقاضي الإليكتروني يمكن أن يُسرع من خطوات التقاضي ويقضي على البيروقراطية ويمنع الفساد، حيث أنه "يجعل الخطوات أقل وكذلك فإن محاولة خلق الفساد والتربح من جانب بعض الموظفين، وهم قلة، يكون تقريبا منعدم، لأنه في هذه الحالة لا يكون هناك تعامل بين الموظف والجمهور، حيث يتعامل الجمهور يتعامل مع الآلة، مشددا في الوقت نفسه على أهمية أن تتاح هذه الخدمات، لكل مواطن سواء فقير أو غني، بمنتهى السهولة وبأقل تكلفة.
وتابع:"من الجيد وجود بوابة إليكترونية للقضاء المصري، يتم فيها تداول الأوراق والمستندات والاطلاعات والمعلومات بصفة عامة"، لافتا إلى أن هناك حكم صدر بالفعل من القضاء الإداري، قبل نحو خمس سنوات، بإلزام وزارة العدل بأن يتم كتابة محاضر التحقيقات في النيابة والقضاء بالكمبيوتر، حتى يستطيع العامة والمحامين وأصحاب الشأن أن يقرأو ما يكتب، وحتى هذه اللحظة لم يتم تنفيذه ذلك بالجدية المناسبة".