مصر تحمي حقوق الإنسان بالحرب على الإرهاب: "الحق في الحياة أولا"
![جماعات إرهابية](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/4752029501591366901.jpg)
جماعات إرهابية
الإرهاب ظاهرة داخلية أو عابرة للحدود وليس مجرد حادث عابر، ويعرف بأنه ممارسـة للعنف لتوليد حالة من الخوف بدافع سياسي إلحاقا للضرر والأذى للأفراد لإكراه المجتمعات والحكومات، وهو ما ينتهك بالضرورة حقــوق الإنسان الأساسية، وصولا إلى الأجيال المختلفــة لحقوق الإنسان، ويمثل خرقا لدولة القانون.
ويعد الحق في الحياة، هو الحق الأسمى للإنسان، يقع على عاتق الدولة حمايته والحفاظ عليه، إلى جانب أن مفهوم العالمية لإعلان حقوق الإنسان، مستند إلى فكرة شراكة الدولة والفرد في تطبيق تلك الحقوق، وهو الأمر الذي تستند عليه الدولة المصرية في مكافحتها للإرهاب من خلال منهج شامل لحقوق الإنسان.
فمكافحة الإرهاب حق من حقوق الإنسان، كما أشار إلى ذلك الرئيس عبدالفتاح السيسي، في كلمته الافتتاحية لمنتـدى شـباب العالـم في نسخته الأولى عام 2017.
وبحسب تقارير دولية، فإن مكافحة الإرهاب تتطلب في الوقت نفسه، العمل على دعم حقوق الإنسان ووضعها ضمن الأولويات، فلا تعارض بين المسلكين، بل إن مكافحة الإرهاب تتخذ مـن حقـوق الإنسـان ومحتـواه الذي يشمل جميع أجياله ومجالاته منهجا ونقطة انطلاق للمضي في هـذا الطريق.
وأكد المفهوم العالمي لحقوق الإنسان أن القيام بأي عمل إرهابي هو انتهاك صريـح لقلب القيم المدرجة في الإعلان العالمي لحقـوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولكافة المواثيـق الدولية، وخاصة فيما يخص الحقوق الأساسية، والجيل الأول والحقـوق المعنية بالحق في الحياة والحرية والسامة الجسدية والأمن الشخصي وفقا للمادة 3 من الإعلان العالمي.
فالإرهاب يهدف إلى تدمير حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، ويهاجم قيم احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والقواعد التي تحكم النزاع المسلح وحماية المدنيين والتسامح بين الشعوب والدول والحل السلمي للنزاع، وذلك لعلاقته الوطيدة بالجريمة المنظمة، والإتجار بالمخدرات، وغسيل الأموال، والتجارة غير القانونية، وجرائم القتل والابتزاز والاعتداء وأخــذ الرهائن والسرقة، بالإضافة إلى أن الأعمال الإرهابية تهدف إلى فرض حالة من عدم الاستقرار للحكومات والدول، وتقويض المجتمع المدني، وزعزعة الأمن والسلم والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وقد اعترفت الأمم المتحدة مرارا بالتأثير التدميري للإرهــاب على حقوق الإنسان والأمن، وذلك بالإشارة إلى ديباجة قرار مجلس الأمن رقم 2396 بتاريخ 21 ديسمبر 2017.
وبالنظر إلى الأدبيات المكتوبة عن أثر الإرهاب على حقوق الإنسان، ظهرت فجـوة تحليلية في التقارير الدولية الصادرة عن الأثر السياسي والاجتماعي للإرهاب على القيم، وما نهدف إليه هو تناول أثر الإرهاب على حقوق الإنسان من منظور القيم السياسية التي تنبني عليها المجتمعات، مثل قيم ومفاهيم التعايش وقبول الأخر، والتسامح، والأسرة ومكوناتها.
ففي حوادث تفجير الكنائس -على سبيل المثال- نجد إلى جانـب الضحايا المباشرين للحادث، الدال السياسي الذي طرح نفسه على الساحة نتيجة العمل الإرهابي، والمتلخص في التفرقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، على الرغم من أن الحادث قد طال المسلم والمسيحي على السواء.
وبالتالي، فإن الحادث الإرهابي يقوم بإنتاج أثر سياسي اجتماعي في هدم قيمة التعايش بين أصحاب الديانتين، إلي جانب تسييس الدين، واعتباره من القضايا السياسية الشائكة في المجتمع.
مثـال آخر، هو حادث مقتل المصلين في مسجد الروضة بقرية دير العبد بمدينة العريش، وقد خلصت التحليلات إلى أن السبب وراء هذا العمل الإرهابي هو نسبة المسجد ورواده للطرق الصوفية.
وتشير تلك التحليلات إلى تسـييس الصوفية في مصر، وخروجهـا مـن عباءة الروحية، إلى كونها قضية سياسية من شأنها القضاء على مفهوم قبول الآخر والتسامح.
أما فيما يخص تأثير الإرهاب على التعليم، فقد أشــارت أحـد التقارير إلى كيفية تهديد تدهور قطاع التعليم في اليمــن وأثــر ذلــك علــى حــال النــشء والأســرة، وبالتــالي إطالــة أمــد الصــراع الدائــر، وكان ذلــك جلياً من خلال معــدلات التســجيل المتدنيــة في الجامعــات بالمناطــق الخاضعـة لسـيطرة الحوثييـن
وهـو الأمـر الذي يدعو للقلق علــى نحــو خــاص بما أن الطلاب اليمنييــن باتــوا يولون اهتمامــا أكبــر لمســألة للانضمــام للجماعــات المســلحة، نتيجــة الشــعور باليــأس وغيــاب أي بدائــل منظــورة.
فتلـك الجماعـات توفـر لهـؤلاء الشـباب الشـعور بالانتمـاء، ووســيلة للتكســب، انطلاقا مــن الوعــود الماليــة المقدمــة لعـدد كبيـر مـن الطلاب.
ولهـذا السـبب فـإن انهيـار قطـاع التعليــم في المناطــق الخاضعة لســيطرة الحوثييــن، التي تضــم أغلبيــة الشــعب اليمنــي، لا يخــدم ســوى مصالــح الجماعــات المســلحة والتنظيمــات المتطرفــة في البلاد.
وبالنســبة للأسرة، فقــد أدت الهجمــات الإرهـابية في ســريالنكا وإندونيســيا إلى لفــت الانتبــاه إلى حقيقــة الإرهاب، بحسـب موقـع Enterprise American للفكــر، حيــث ينظــر إلى العائلــة كونهــا عامل مساهم دون انتشــار التطــرف وتجنيـد أحـد أعضائهـا، فالتفـكك الآسـري وضعـف الروابـط العائليــة يجعــل مــن الشــباب عرضــة أكبــر للتجنيــد.
فقـد أفـاد تقريـر لهـذا المركـز بأن باحثيـن بجنـوب الفلبيـن وجــدوا أن الشــبكات الآســرية والاجتماعيــة كانــت محــركا لتطــرف الشــباب ومشــاركتهم في الجماعــات المســلحة، مــن دون أي مظالــم محــددة أو عوامــل اجتماعيــة واقتصاديــة.
وفي مــالي، كان أحــد الأبويــن أو كلاهمــا لعــدد مــن أعضــاء الجماعــات المســلحة الشــباب عضوا في جماعــة متطرفــة عنيفة، كمــا كان الآبــاء عامــا في تجنيـد أطفالهـم بشـكل مباشـر في العمليـات الإرهابيـة، كمــا في ســورابايا بإندونيســيا.
كمــا اســتهدفت اســتراتيجية تنظيــم داعــش الإرهـابي الأسـرة لتجنيـد أعضـاء جـدد، سـواء مـن النسـاء أو الأطفـال الذين قـدر عددهــم بحوالي عشــرة آلاف طفل دون سن الخامسة في معسكرات بالعراق.
ولا ينفصــل هــذا الهــدم للقيــم المجتمعيــة والأســرة عــن حقــوق الأجيــال الصاعــدة وأنمــاط حياتهــم، والتــي أدت مناطــق الصــراع فيــه إلى ســلب حقوقهــم الثقافيــة مــن خلال فــرض إطــار فكــري معيــن لتبنيــه وعــدم وجــود أي مجــال لقيــم التســامح وقبــول الآخــر.
وتمثـل التهديـدات التـي يفرضهـا الإرهـاب علـى وضـع حقـوق الإنسـان، مـن خلال اسـتهدافه الإخلال بالنسـيج المجتمعي والمفاهيـم والقيـم المنبنـي عليهـا، المنطلـق الذي تسـتند إليـه التوصيات الآتية:
1- الاهتمــام البحثــي مــن قِبــل الجماعــة العلميــة، وبالمثــل عنــد إعــداد التقاريــر الدوليــة، بهــذا البعد المجتمعي في تحليــل أوضــاع حقــوق الإنســان.
2- العمـل علـى تفعيـل سياسـات مـن شـأنها الحفـاظ علـى الأسـرة وقيـم الجمـال المجتمعـي، نظـرا لكونهـا المكـون الأساسـي للمجتمـع والحائـل دون عمليـات التجنيـد واسـتغلالها للتفـككات الأسـرية والتطـرف الفكـري القبيـح.
3- تكاتف جميـع أجهزة الدولة والمجتمع المدني للعمل على ترسيخ القيم الرئيسـية للدولة والمجتمع وللعالقة، فيمـا بينهم.
4- الدعوة لتجديد الخطاب الدينــي من منطلقــات مفهــوم الحــوار بيــن الماضــي والحاضــر، وبتكاتــف كل أجهــزة الدولـة والمؤسسـات الأهلية والدينيـة، وخلـق حالـة حـوار مجتمعـي عـام لاسـتنباط قيـم الديـن وسـننه لتحقيق مقاصــده في ظــل ظــروف المجتمــع ومحيطــه؛ للحيلولة دون المفاهيــم المغلوطــة دينيا واجتماعيا.
5- التأكيد على أن مكافحة الإرهاب حق من حقوق الإنسان.