بدين أمام المحكمة: ميدان التحرير كان ممتلئاً بـ«الأجانب» فى ثورة يناير
استمعت، أمس، محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار شعبان الشامى، إلى شهادة اللواء حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية السابق، واللواء محمد فريد حجازى، قائد الجيش الثانى الميدانى، إبان أحداث ثورة 25 يناير، فى قضية هروب الرئيس المعزول محمد مرسى وعناصر الإخوان وحماس وحزب الله من سجن وادى النطرون واقتحام السجون المصرية خلال أحداث الثورة، ثم أجلت المحكمة القضية لجلسة 29 أكتوبر الحالى. وقبل البدء فى مناقشة «بدين» نشبت مشادة كلامية بينه وبين محمد الدماطى، محامى المتهمين، وقال «بدين» للمحامى: «أرجوك انت لازم تكون فاهم طبيعة عملنا الأول.. انت ما تفهمش فيه علشان تسألنى»، فقال الدماطى معترضاً إن «الشاهد سبق أن أدلى بأقوال ليس لها علاقة بالأحداث»، فرد عليه القاضى: «انت هتحجر على الشاهد؟ إحنا عايزين نعرف اللى مانعرفوش عن شغله»، وبدأ فى توجيه الأسئلة له.
وقال اللواء حمدى بدين إن قادة الجيش يعمل كل منهم فى منظومة واحدة وكلهم مسئولون، وذلك رداً على سؤال الدفاع عن المسئول عن أى مخالفات تقع بالجيش، كما سأل المحامى محمد الدماطى بدين قائلاً: «هل أنت محجوب عن أى مخالفات تحدث داخل دائرة عملك؟»، فرد بدين: «مفيش حاجة اسمها كده، كل منا مسئول عن مكانه، وفى حالة حدوث أى مخالفات نتخذ الإجراءات اللازمة قانوناً»، وأضاف: «إحنا جيش كبير، وقائد الجيش الثانى كان على تواصل معى لمعرفة أى مخالفات، وأنا المنوط بى إبلاغ قائد الجيش بها». ونفى بدين، خلال شهادته، وجود معلومات مؤكدة لديه عن واقعة اقتحام الحدود خلال ثورة يناير وإبان أحداث هروب «مرسى» وباقى أعضاء الإخوان من السجون وقت الأحداث، إلا أنه أكد أنه «كانت هناك بلاغات وإشارات عديدة من جميع الجيوش فى كل المناطق بتسلل عناصر أجنبية، وتم القبض على عدد من الأشخاص أثناء تسللهم بالفعل، وكل هذا مثبت ومدون بالدفاتر الخاصة بالشرطة العسكرية»، حسب قوله، لكنه لم يحدد إن كان التسلل من غزة تحديداً. وضحك المتهم محمد البلتاجى، ساخراً من إجابة الشاهد، فأمره القاضى بالجلوس والتوقف عن التحدث أو الضحك أو الاستهزاء بأقوال الشاهد، وهدده بالطرد من القاعة. وسمحت المحكمة للمتهم محمد البلتاجى بتوجيه الأسئلة للواء حمدى بدين، وسأله «البلتاجى» عن علمه بوقوع احتلال للشريط الحدودى لمصر، فقال «بدين» إنه ليس لديه أى معلومات بهذا الشأن، فسأله عن معلوماته عن تسلل 900 عنصر أجنبى إلى داخل مصر من الحدود الشرقية، فرد «بدين» بأنه لا يعرف شيئاً، وأنه سمع كأى مواطن عن الهجوم على السجون، موضحاً أن تأمين الحدود ليس من مهام الشرطة العسكرية، ويُسأل فى ذلك قائد الجيش، على حد قوله.
وأضاف «بدين» أنه تم رصد عناصر أجنبية عديدة ليست فلسطينية أو حمساوية فقط، وبالفعل تم القبض عليهم من داخل ميدان التحرير أثناء أحداث الثورة، مشيراً إلى أن ميدان التحرير كان ممتلئاً بآلاف الأشخاص متعددى الجنسية، وأن الأهالى ألقوا القبض على عدد من الأجانب، لمجرد الشك فى ضلوعهم فى أعمال تخريب أو عنف.
واستدعت المحكمة الشاهد اللواء محمد فريد حجازى، قائد الجيش الثانى الميدانى، وقت الأحداث، لسماع شهادته، حيث قال إن القوات المسلحة مهمتها الرئيسية، سواء قبل 25 يناير أو بعدها، هى تأمين حدود الدولة بالكامل، وعن تسلل بعض العناصر التى احتلت الشريط الحدودى من غزة إلى رفح ثم العريش وقت الأحداث؛ قال «حجازى» إن الدولة فى هذه الفترة كانت تمر بانفلات أمنى غير عادى أدى إلى انفلات حدودى، وبالتالى كانت هناك بعض التسللات من قبَل بعض العناصر الأجنبية لداخل البلاد من خلال الأنفاق، مؤكداً أنه تم إلقاء القبض على بعضهم داخل البلاد، وليس وقت تسللهم. واعترض دفاع المتهمين على شهادة اللواء حجازى، وقال المحامون إنه ليس الشاهد المطلوب، فرد عليهم القاضى: «سوف نرى إن كان هذا صحيحاً أم لا عندما نعرف صفة الشاهد»، وسألت المحكمة الشاهد عن صفته فقال إنه كان قائد الجيش الثانى الميدانى وقت الأحداث، فقال الرئيس المعزول محمد مرسى: «أنا قلت كده من قبل والمحكمة لم تستمع لى، أن اللواء أحمد وصفى لم يكن قائد الجيش الثانى الميدانى وقت الأحداث»، فرد القاضى قائلاً: «المحكمة اتنورت خلاص».[FirstQuote]
وتابع الشاهد: «لا يمكن أن يكون من اقتحم السجون تسلل بسيارات الدفع الرباعى من خلال قناة السويس، لأنه غير منطقى أن يعبروا بسيارات محملة بالسلاح والناس بتتفرج عليهم»، وقال إنه من الممكن أن يكونوا قد اتخذوا العديد من الخطوات خلال التسلل، مشياً على الأقدام لحين الوصول إلى مكان متفق عليه تنتظرهم فيه سيارة الدفع الرباعى لاستكمال تسللهم لداخل البلاد. وأوضح الشاهد أنه «لا توجد حدود دولة فى العالم مؤمّنة بنسبة 100%، وإنما هناك أجزاء يتم اختراقها»، وأضاف أن «فكرة تأمين الأنفاق لم تكن من ضمن مهام الجيش الثانى، وهو شىء مستحدث علينا بعد الثورة»، مؤكداً أنه تم القبض على بعض العناصر بالحدود الشرقية ومنهم جزء كبير لا يحمل تحقيق الشخصية وكان من بينهم عناصر فلسطينية، وكان يتم عمل محاضر لهم ثم يتم تسليمهم للنيابة العسكرية التى تقوم بدورها بتسليمهم إلى النيابة العامة، لأنها المختصة، فالجيش ليس جهة تحقيق وليس منوطاً بقياداته التحقيق مع المتسللين المقبوض عليهم. وأشار اللواء حجازى، فى شهادته، إلى أنه عندما وقعت الأحداث جاءت التعليمات أكثر تشديداً على جميع الحدود المصرية لمنع اختراقها أو تسلل العناصر الأجنبية للبلاد، وسأل «البلتاجى» الشاهد عن امتناع الجيش عن تخليص المنطقة التى تم السيطرة عليها من قبَل العصابات من احتلالها، فرد اللواء حجازى بأن كلمة «احتلال» كلمة كبيرة، وأن الحدود لم تُحتل، ولكن قامت بعض العناصر بالسيطرة على منطقة بها، وتابع: «من يُسأل هذا السؤال هو الأكثر دراية بإجابته». وقدم دفاع المتهم صبحى صالح طلباً للمحكمة بانتقال الهيئة لمعاينة منطقتى أبوزعبل ووادى النطرون، وندب لجنة خبراء لمعاينة المنطقتين لبيان المسافة بين ترعة الإسماعيلية ومنطقة السجون وحدائق المانجو المشار إليها فى التحقيقات، ومعاينة العقار الذى قرر الشهود أنه تم اعتلاؤه وإطلاق الأعيرة النارية منه على القيادات الشرطية لبيان المسافة بينه وبين منطقة السجون، وطلب ضم تقرير تقصى الحقائق لسنة 2012 والمتعلق بأحداث الدعوى.
وقبيل بدء الجلسة تجمع المتهمون حول بعضهم لالتقاط صور لهم وهم يرفعون شارات رابعة، حتى أدخل الأمن «مرسى» إلى القفص الزجاجى فتجمعوا ناحيته وظلوا يشيرون له ويهتفون: «اثبت يا بطل.. سجنك بيحرر وطن».
ومع بدء الجلسة استعلمت المحكمة من النيابة العامة عن تكليفها بمخاطبة الأمن الوطنى لمعرفة ما إذا كان يتم تصوير ومراقبة الحدود، ومعرفة عما إذا كانت هناك أقمار صناعية تقوم بالتصوير من عدمه، وأكد ممثل النيابة العامة أنه تمت مخاطبة الأمن الوطنى، وتبين عدم وجود أى أقمار صناعية تقوم بالتصوير كما ادعى الدفاع.
وقال الرئيس المعزول «مرسى» للقاضى عقب إعلانه بشهادة اللواء حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة المنحل، بالجلسة الماضية، لتغيبه عنها؛ إنه لا يعترف بمحاكمته أمام هذه الدائرة بصفته رئيساً للجمهورية، وإنه يتهم «عبدالرحمن»، بتزوير الانتخابات الرئاسية وتزوير إرادة الشعب المصرى.
وأضاف «مرسى»: «أقدم التحية إلى المحكمة وأطالب الحضور والشعب المصرى بأن يثبتوا على موقفهم، فإن الانقلاب سيزول هو وحسن عبدالرحمن وأتباعه»، وسط تهليل وتصفيق المتهمين من داخل القفص، ما دفع رئيس المحكمة لإغلاق الصوت عنهم.