«صيد الدهرا».. هرب منها الشباب وأحبها «مزروع»: ورثتها ومعرفش غيرها
صياد الدهرا ببورسعيد
رغم عمره الذي لم يتجاوز 30 عاما، لكن شكله يبدو لمن لا يعرفه أكبر من سنه، يقف «خيري مزروع» أمام شاطئ بورسعيد مع الساعات الأولى بعد الفجر، يرتدي بالكاد ملابس تستر جسده، غير آبه بالطقس البارد والأجواء الشتوية، يتحسس الموج على أمل أن تكون النوة خفيفة وتسمح له بـ«صيد الدهرا»، كي يعود إلى أسرته بقوت يومهم.
مهنة مهددة
ورث «مزروع» مهنة «صيد الدهرا» عن والده وأجداده، لكن معظم الشباب انصرفوا عنها، فهي بحسب الشاب الثلاثيني «مبقتش تأكل عيش»: «صيد الدهرا شغلانة موسمية، وأنا معرفش شغل غيرها، بنزل الفجر أصطاد، ولو الرزق كتير بكلم زمايلي الصيادين ييجوا يساعدوني».
يلقي الشاب الثلاثيني الشباك في البحر وهو يدندن المواويل لتسلية وقته وتخفيف التعب عن الصيادين، بعد أن يخرجها من العربة الخشبية إلى الفالوكة التي تقف على الشاطئ، يقول لـ«الوطن»: «بيكون معايا أكثر من صياد، 3 منهم بيتحركوا في البحر في عمق 2 كيلو متر على شكل نص دايرة، وبعدين يرجعوا على شط بورسعيد بالطرف التاني من الشبك، وباقي الصيادين بيمسكوه».
رزق وفير وسعر زهيد
تستغرق عملية الصيد نحو 4 ساعات أو أكثر، وإذا جاء الرزق وفيرا يبدأ «مزروع» وأصدقائه تفريغ الأسماك ووضعها في صناديق كل حسب نوعه: «بنخرج وأملنا في ربنا يرزقنا ومنمدش إيدينا لحد، ولما بنصطاد سمك التجار بياخدوه مننا بأقل الأسعار».
لا يتوقف الشاب الثلاثيني عن العمل في الأيام التي تكون فيها النوات عالية، إذ يستبدل عمله في الصيد بالعمل في حياكة الشباك المتهالكة من الصيد وتهيئتها لتكون صالحة للعمل، يقول: «لما مبيكونش في صيد بفضل أغزل الشباك عشان متتقطعش وشغلي يقف».
معونة الشتاء
شكا «مزروع» من قطع «معونة الشتاء» وقيمتها 200 جنيه، والتي خصصها في وقت سابق الجهاز التنفيذي للمنطقة الحرة، لمساعدة الصيادين في أيام البرد القارس، موضحا: «المحافظ الموجود دلوقتي وقف المعونة، بتمنى وزارة التضامن ترجع تخصصها تاني لينا، وبتمنى يكون معاش الصيادين من سن 60 سنة مش 65».
أغلب الصيادين الذين يعملون مع «مزروع» تخطوا عامهم الـ60، فمعظم الشباب ينفرون من مهنة صيد الدهرا، يقول: «مبقتش تأكل عيش، والاعتماد في الصيد دلوقتي بقى على المراكب الكبيرة والمواتير، وبقى في أجهزة بتنشر الشبك في البحر وتدر بالخير بأقل مجهود».