بريد الوطن .. تداعيات الحياة (قصة قصيرة)
تداعيات الحياة
وجدتها فى موقف سيارات عبود، وجهها تكسوه الحُمرة من الخجل، بعينيها كسرة ودموع حبيسة، وعلى ملامحها تبدو الحيرة والوجع، تمد يدها فى ذل وانكسار، لم يكن يُصاحب مد يدها نغمات جُمل مرتبة مُلحنة كتلك التى نسمعها:
حسنة قليلة تمنع بلاوى كتيرة. هنيالك يا فاعل الخير والثواب، إلهى يمنع عنكم الأمراض ويبارك لكم فى أولادكم.
برغم ذلك بات صمتها على تلك الحالة أمضى سلاحاً وأقوى أثراً، لا أقول للناس على الجُملة ولكن لمن يمتلك بين جنبيه قلباً يشعر بآلام الآخرين، لا يعطى إتقاء إلحاح أو مُراءاة.
وشعرت بأنه يتوجب علىّ إعطاؤها بسخاء، ولما وضعت فى يدها ما شاء الله له أن يوضع، نظرت نحوى والدهشة تعتريها، ولم تعقب بكلمة إطراء أو وابل من الثناء والدعاء، بل طأطأت رأسها إلى الأرض وكأن هموم الدنيا كلها تجثم فوق رأسها.
لقد شاهدت فى حياتى معوزين يمدون أيديهم شاهرين عاهاتهم على نحو تنخلع له القلوب، إلا أن قلبى فى تلك المرة ومع تلك المرأة لم ينخلع فحسب، بل تم سحقه من الوجع، وبخاصة حينما رأيت فى وجوه الكثير ممن حولى نظرة اشتهاء أنثى قد قتلتها نظراتهم قبل أن تقتلها تداعيات الحياة.
أشرف غازى
يتشرف باب «نبض الشارع» باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com