غيرت اسمها مرتين وعائلتها قررت قتلها.. تفاصيل ليلة عرض أول أفلام هدى سلطان
هدى سلطان
25 ديسمبر 1950 لم يكن مجرد تاريخ أول ظهور سينمائي لـ هدي سلطان، بل كان اليوم الذي يفترض أن تفارق فيه الحياة، بناء على قرار مجلس العائلة، الذي اجتمع بطلب من شقيقها، ولم ينقذها من هذا المصير المحتوم سوى 2 ممن حضروا الاجتماع، وواحد منهما طلب مقابلتها، ليطلعها على السيناريو الذي ينتظرها.
يوم العرض الخاص لفيلم (ست الحسن)
كان من طقوس العروض الخاصة للأفلام، أن يجتمع أبطالها في (لوج) -بلكونة- بالسينما، تكون القاعة مظلمة، وقبل أن يبدأ العرض.. تضاء الأنوار، ويقف النجوم لتوجيه التحية للجمهور، بعدها يعود المكان للإظلام، ويبدأ العرض، ومع نزول تتر النهاية، تعود الأضواء، ويعود نجوم العمل للوقوف، لاستقبال رد فعل المشاهدين.
لكن في حالة فيلم «ست الحسن» غاب الكثير من المشاركين في الفيلم، وحضرت ليلى فوزي وكمال الشناوي والوجه الجديد هدى سلطان، والمخرج نيازي مصطفى، والأخير كان الفيلم بالنسبة له أكبر من مجرد مغامرة فنية، لأن حماسه لصاحبة الوجه الجديد، أوقعه في خلاف حاد مع شقيقها الموسيقار محمد فوزي، الذي قال له إن عواقب ظهورها في السينما ستكون (الضرب بالرصاص).
حدد مجلس العائلة الذي اجتمع بموجب دعوة من الموسيقار محمد فوزي، ضم أشقاء هدى سلطان وبعض أبنائهم، واتخذوا قرارًا بقتلها، في 25 ديسمبر 1950، الذي تصادف مع أول ظهور سينمائي لها، وطلب منهم أن يكتب كل واحد اسمه في ورقة، ليجري قرعة بين الحاضرين، تحسم اسم الشخص المسؤول عن التنفيذ.
محمد فوزي يهدد منتج أول أفلام هدى سلطان
100 دقيقة قضتها هدى سلطان داخل قاعة السينما، كانت تنتظر حكمًا بالإعدام والنجومية، وتدرك أن الطريق إلى هذه القاعة كان محفوفا بالمخاطر، لكنها قررت أن تراهن بحياتها من أن أجل تحقيق حلمها، فحين وقعت عيناها على إعلان شركة (النحاس فيلم) للبحث عن بطلة جديدة لـ(ست الحسن) استجمعت شجاعتها، وذهبت لإجراء الاختبار.
كان في استقبالها المخرج نيازي مصطفي وزوجته كوكا، اللذان أعجبا بموهبتها، وانتهى اللقاء بتوقيعها على عقد الفيلم، لكن المفاجأة أن محمد فوزي فور علمه بالأمر، اتصل بـ جبرائيل نحاس، وأبلغه بضرورة فسخ التعاقد، وإلا سيضطر لقتل شقيقته، وكان رد المنتج (أنا هعتبر دي دعاية كويسة للفيلم).
تفاصيل اختيار الاسم الفني لـ هدى سلطان
علمت صاحبة الوجه السينمائي الجديد بما جرى بين شقيقها والمنتج، وكان أول شيء فكرت فيه، البحث عن اسم فني يحول دون المزيد من الاستفزاز لشقيقها، وطلبت من صديقتها المحامية (مفيدة عبدالرحمن) إحدى مؤسسات الاتحاد النسائي المصري، أن تختار لها اسمًا، فقررت أن تسميها (هدي سلطان) وهو الاسم الرسمي لرائدة الحركة النسوية في مصر (هدى محمد سلطان)، التي أصبح اسمها (هدى شعراوي) استنادًا إلى لقب زوجها (علي شعراوي).
كانت هدى سلطان تسعى لتخفيف وقع الصدمة على شقيقها، وكانت واثقة في قدرتها على انتزاع موافقته في النهاية على خطوتها الجريئة باقتحام السينما، مثلما نجحت من قبل في إقناعه بالسماح لها بالغناء عبر ميكروفون الإذاعة، لقد عارض رغبتها في الغناء، وهددها بالقتل، لكنها ذهبت لإجراء اختبارات القبول في الإذاعة دون علمه، وبمرور الوقت تقبل الأمر بشرط أن ينحصر نشاطها الفني عبر ميكروفون الإذاعة فقط.
ظلت هدى سلطان تبحث عن سيناريو يعينها على تجاوز ثورة شقيقها محمد فوزي، ولم يخطر في بالها أن يتطور الأمر لأبعد من التهديد المعتاد بقتلها، لكن حين طلب أحد أقاربها، ويدعى الشيخ عبدالخالق، مقابلتها، أدركت أن لديه جديدًا يخص مشوارها الفني، فقررت مقابلته سريعًا بحجة أنها ترغب في الاحتفال معه بخطوة مهمة في حياته، وقد كان من الداعمين لها، والمؤمنين بموهبتها الغنائية، وجرى اللقاء في أحد النوادي على شاطئ النيل، وخلال اللقاء علمت أن شقيقها جمع مجلس العائلة في بيته، ودعا مجموعة من الشباب من أبناء أشقائها، وأبلغهم بضرورة قتلها، ووافق غالبية الحضور، باستثناء الشخص الذي طلب مقابلتها، وشاب جامعي كان يدرس في كلية الحقوق بالقاهرة.
السيرة الذاتية لـ هدى سلطان
الاسم الحقيقي (بهيجة عبدالسلام الحو)، عرفت في بداياتها كمطربة باسم «جملات»، ومع أول ظهور سينمائي أصبح اسمها (هدى سلطان).
كان ترتيبها بين أشقائها -من الأم- 3 من 5 أبناء أكبرهم شقيقها الفنان محمد فوزي، الذي يكبرها بـ7 أعوام، وتلته شقيقتهما الفنانة هند علام.
نجحت في اختبار لجنة اختيار المطربين بالإذاعة عام 1949، وأجازوا صوتها وأصبحت واحدة من نجمات برنامج جلال معوض (أضواء المدينة).
قدمت للسينما أكثر من 70 فيلمًا، أبرزها (جعلوني مجرمًا، النمرود، امرأة على الطريق، إسكندرية كمان وكمان، وعودة الابن الضال)، وعشرات الأعمال التليفزيونية منها: (الوتد، زيزينيا، الليل وآخره، أرابيسك، وثلاثية نجيب محفوظ)، وكانت لها تجارب مضيئة من علامات المسرح مثل: (وداد الغازية، مين ضحك على مين، الملاك الأزرق).
ظهرت عام 2003 للمرة الأخيرة كضيفة شرف في فيلم (من نظرة عين) وتوفيت في 5 يونيو عام 2006 متأثرة بإصابتها بسرطان الرئة.