امتحانات الثانوية العامة .. موسم ازدهار «سماعات الغش»
الماراثون ينطلق رسمياً بعد غدِ والطلاب يؤدون «المواد خارج المجموع»
![«سماعات الغش»](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/9342562351655576229.jpg)
«سماعات الغش»
تطفو ظاهرة «الغش الإلكترونى» سنوياً مع اقتراب امتحانات الثانوية العامة، التى تنطلق رسمياً بعد غد بأداء امتحانات المواد خارج المجموع، حيث يلجأ الطلاب إلى سماعات دقيقة، تُزرع داخل قناة الأذن الخارجية ليستطيعوا بها إرسال واستقبال أسئلة الامتحانات، فضلاً عن بعض الأنواع المزودة بـ«كاميرا»، التى تلتقط صورة الامتحان لتسريبه خلال دقائق من بدء الامتحان. ولم يلجأ الطلاب وحدهم لـ«سماعات الغش»، ولكن تورط أولياء الأمور بالحصول لأبنائهم عليها رغبة منهم فى تحقيق نسب مرتفعة تمكنهم من الالتحاق بكليات القمة، حيث يختاورن بين أنواع مختلفة من السماعات، على «ساعة» أو «قلم»، وأخرى «نظارة مزودة بسماعة وكاميرا»، وكذلك سماعة بطاقة دفع إلكترونى وهى الأكثر انتشاراً، حيث تبدأ الأسعار من ألف جنيه، فضلاً عن الخدمات الأخرى التى يوفرها تجار السماعات لأولياء الأمور والطلاب مثل تأجير مدرس لحل الامتحانات بداية من مائة جنيه للمادة، أو تأجير «السماعة». وأرجع مختصو علم النفس ظاهرة الغش الإلكترونى إلى أمراض نفسية لدى الطلاب منها القلق والخوف، فضلاً عن افتقاد القدوة، بينما قال أساتذة الاجتماع إن الأسرة السبب، والقضاء على الظاهرة يبدأ منها.. بينما حذر أطباء علم السمعيات من التأثير المدمر لسماعات الغش التى تُزرع داخل قناة الأذن الخارجية على العصب السمعى. ومع انتشار الوسائل الحديثة للغش وضع قانون رقم 205 لسنة 2020، ليحدد عقوبات الغش الإلكترونى، التى تصل إلى الحبس 7 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه، فضلاً عن الحرمان لعامين دراسيين من الامتحانات، وتكثف وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى من إجراءاتها الرقابية بالامتحانات، حيث تستخدم عصا إلكترونية للكشف عن المعادن وسماعات الغش.
«مافيا السماعات» تروج لها عبر «فيس بوك».. والبيع جملة وقطاعى
فى الوقت الذى تحظى فيه فترة الامتحانات بطقوس خاصة من اعتكاف للطلاب وأولياء الأمور وإعلان حالة الطوارئ بالمنازل، استعداداً لخوض الامتحانات، يستعد آخرون من تجار وسائل الغش مستغلين تهافت الطلبة وذويهم عليها.
ورصدت «الوطن» إعلانات علنية على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» لبيع سماعات تُستخدم فى الغش وتلقين الإجابات، وانتشرت الإعلانات على «صفحات فيس بوك» عامة ومجموعات حمل بعضها اسم «سماعات غش»، و«سماعات الثانوية العامة»، و«سماعات الغش الإلكترونية»، وغيرها من المسميات التى تشير لنوع المنتج.
وتمتلئ تلك الإعلانات عن هذه السماعات التى تُستخدم كوسيلة للغش فى الامتحانات بشرح لمميزات المنتج من صغر الحجم وجودة الصناعة ونقاء الصوت ومناسبة السعر، ويحصل كل منشور إعلانى على آلاف الإعجابات والتعليقات التى يسأل معظمها عن سعرها، بينما تعليقات قليلة تكتب على استحياء «حرام» أو «اتقوا الله».
«الفيزا» الأشهر.. و«الحزام والنظارة» الأغلى
ووفقاً لإعلانات، فسماعات الغش لها عدة أشكال، مثل «الفيزا»، و«النظارة»، وتتكون «الفيزا» أو «الكارت» كما يطلق عليها، وهى الأكثر شهرة، من جزأين أحدهما فى حجم حجر ساعة اليد، وأحياناً أصغر، ويوضع داخل قناة الأذن الخارجية بتجويف الأذن، والجزء الآخر بطاقة سحب إلكترونى لأحد البنوك المصرية أو الأجنبية، مزودة بشريحة البطاقة، والتى هى بالواقع شريحة الاتصال بالسماعة، يضعها الطالب الغشاش أمامه فى لجنة الامتحان أو داخل حافظة نقوده، دون أدنى ريبة بكونها سماعة للغش، على ألا تبعد الشريحة عن السماعة مسافة 6 أمتار لتعمل بكفاءة.
أما «الساعة» فهى ساعة سوداء اللون تتكون من قطعتين أيضاً إحداهما توضع بقناة الأذن الخارجية والأخرى داخل ماكينة الساعة، كما تحتوى أيضاً الساعة على كاميرا، يمكنها التقاط صورة لورقة الامتحان وإرسالها عبر أحد التطبيقات إلى هاتف أو «ساعة سماعة» أخرى، وكذلك «الحزام» فهى أيضاً تتكون من قطعتين كسابقتيها، ولكن الشريحة توضع داخل الجزء المعدنى «إبزيم» الحزام ولكن لا يحتوى على كاميرا، هو فقط للاستخدام كسماعة ووسيلة تواصل.
و«القلم» تشبه قلم الحبر تماماً وتختبئ السماعة داخل القلم فى أنبوب الحبر الذى يصل لمنتصف تجويف القلم ثم تروس الضغط اليدوى على القلم وبينها السماعة التى تشبه ترس القلم، ويحتفظ الطالب بالقلم داخل لجنة الامتحانات، ويُستخدم للكتابة أيضاً لإزالة أى شك بكونه سماعة للغش.
ولعل أخطر أشكال السماعات هو «النظارة»، وهى نظارة طبية يختلف لون إطارها، ما بين الأسود والنبيتى والبنى ليناسب الطلبة والطالبات، لا يدعو مظهرها لأى شك، كونها نظارة مزودة بكاميرا وسماعة صغيرة تختفى فى «مفصل أحد مقبضى ذراع النظارة»، وتُستخدم الكاميرا لتصوير ورقة الامتحان، وإرسالها إلى تطبيق الواتساب المرتبط بالكاميرا.
تختلف «سماعات الغش»، التى يستخدمها طلاب الثانوية العامة، من حيث النوع والشكل، ولكنها تؤدى الوظيفة الرئيسية التى يستطيع الطالب من خلالها إرسال أسئلة الامتحان ليستمع عبرها إلى الإجابة، فيما تضاف مميزات أخرى لبعض السماعات مثل التصوير بكاميرا، أو إرسال الأسئلة إلى تطبيقات السوشيال ميديا «واتساب، فيس بوك، إنستجرام»، وهذا يعنى سعراً إضافياً.
وحسب التجار، يختلف سعر «السماعات» حسب الإقبال عليها، فكلما زاد عدد المستفيدين من السماعة قبل وصولها للطالب زاد السعر، ووفقاً لتتبع «الوطن» لشراء سماعة أمريكية الصنع ببطاقة سحب إلكترونى، من أحد تجار القطاعى بمحافظة سوهاج، عبر أحد إعلانات موقع التواصل «فيس بوك»، كان السعر 2700 جنيه عند تاجر التجزئة، لكنه تراجع إلى 2300 جنيه عند تاجر الجملة، وصولاً إلى سعر أقل داخل محطات المترو فقط، ليصبح 2000 جنيه، ثم 1500 جنيه للسماعة من المستورد الرئيسى، و1300 جنيه عند شراء أكثر من 20 سماعة.
تجار: الأسعار تبدأ بألف جنيه وتصل إلى 3 آلاف.. و«الأمريكى» الأكثر طلباً وانتشاراً
وتختلف أسعار سماعات الغش وفقاً للشكل والنوع، فسماعة «الفيزا» هى الأقل سعراً وجودة، ويبدأ سعرها بـ1000 جنيه، وذات الجودة الأعلى قليلاً تبدأ بـ1300 جنيه، أما «السماعة اليابانى» ذات الجودة الأعلى، ولا تحتاج لتغيير بطاريات كل امتحان فثمنها 1500 جنيه، و«الألمانى» بـ2400 جنيه، والأعلى سعراً «الأمريكى» بـ2700 جنيه، بينما يبدأ سعر «القلم» من 2000 جنيه، أما «الحزام والنظارة» فتبدأ أسعارهما من 3000 جنيه.
«نور»: كل دفعات كلية الحقوق والثانوية العامة زبائنى.. والحوار يسير بتبادل المنفعة ولا ضرر ولا ضرار
وقال «مصطفى نور»، اسم مستعار، أحد تجار السماعات القطاعى بسوهاج، أنه اكتشف السماعات منذ 4 أعوام عند استعداده لامتحانات الثانوية العامة، حيث فوجئ ببعض أصدقائه لا يشغلون بالهم بالمذاكرة والامتحانات ليكتشف حصولهم على سماعة يابانى بسعر 1600 جنيه قبل الامتحان بأسبوع، فقرر أن يحصل أيضاً على واحدة قبل الامتحان بـ24 ساعة ليحصل عليها بـ2500 جنيه نظراً لاقترابه، متابعاً: «من غيرها كنت هشيل كل المواد».
وأضاف: «فضلت أنا و2 من أصدقائى ندور وراء السماعات، كنا عايزين ناكل لقمة عيش حلوة من فرق السعر، وبدأنا ببيع سماعاتنا تانى سنة، ووصلنا لأحد التجار بالقاهرة، بيسلمنا فى محطة مترو فى كيس مغلف، والفلوس كاش، وبيرفض التحويل تماماً، ويتم التعامل المالى والتسلم مع شخص واحد فقط كل مرة، وبجمع كام ألف مع صحابى ونشترى 20 أو 30 سماعة كل مرة وبنستفيد من فرق السعر».
وعن الإقبال على السماعات بمحافظة سوهاج، قال: «كل دفعات كلية الحقوق والثانوية العامة زبائنى، والسماعات الأمريكى الأكثر انتشاراً وطلباً». وحول استخدام إعلان عام لـ«السماعات»، أوضح أن «الحوار يسير بتبادل المنفعة.. ولا ضرر ولا ضرار».
وقال «عمر»، اسم مستعار، يعمل تاجر سماعات جملة، إنه يوزع السماعات بنفسه لكل محافظة يوماً وبالأسبوع، مضيفاً: «النهارده فى الشرقية.. وبكرة بأسيوط.. وبعد بكرة بسوهاج» حتى يضمن عدم كشف هويته، مؤكداً عمله بالسماعات منذ 2015 ولديه العديد من الزبائن التحقوا بكليات الطب والهندسة، فوفقاً لقوله: «السماعه لنوعين: المتفوق اللى عايز كلية قمة.. والفاشل اللى عايز ينجح».
وعن مدى الانتشار، أضاف «عمر» أن اليابانى والأمريكى الأكثر طلباً منه، فطُلب منه 10 آلاف سماعة فى يوم واحد، للتوزيع ما بين أسيوط وسوهاج، فضلاً عن 5 آلاف للشرقية، متابعاً أنه توجد محاولات لإنتاج السماعات بمصر ولكنها غير جيدة و«معظمها تقليد».
وأشار إلى أنه أسس مجموعات تواصل عبر «فيس بوك» و«واتساب» للطلاب المتعاملين معه للحصول على الامتحانات عبر المجموعة، فكل من يشترى السماعة تتم إضافته، وتضم المجموعة أكثر من 10 آلاف طالب حتى الآن فى خلال 4 أيام على الإنشاء.