تحذير من مرصد الأزهر: تطبيقات المواعدة وسيلة داعش الجديدة لتمويل الإرهاب
مرصد الأزهر
سلط مرصد الأزهر الضوء على استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونيَّة من جانب الجماعات الأرهابية، قائلًا إنّها أصبحت الذراع الرئيس للتنظيمات المتطرِّفة في ترويج أفكارها المشوَّهة، وإيصال رسائلها المسمومة، وبخاصة لفئة الشباب، لاستقطاب المزيد من العناصر التي تَدين لها بالطاعة والولاء، وكذلك البحث عن مصادر جديدة لتمويل أنشطتها الإرهابية.
وذكر المرصد في بيان عنه، قبل قليل، أنّ تنظيم داعش الإرهابي على رأس تلك التنظيمات التي استغلَّت هذه الآلة بصورة كبيرة، تفوَّقت بها على التنظيمات المتطرفة الأخرى، وربما ساعد في ذلك اعتماده على التطور التكنولوجي المتسارع، وسهولة التواصل العالمي في وقت وجيز وبأقل تكلفة.
ولفت المرصد أن مسألة التمويل تعد عُنصرًا رئيسيًا ومحوريًا لضمان استمراريَّة أنشطة التنظيمات المتطرِّفة، ودائمًا ما يؤثر على تلك التنظيمات وجود مصادر تمويل متنوعة تضمن استمراريتها واستقلاليتها في الوقت ذاته.
أساليب داعش لتمويل العمليات الإرهابية
وأشار المرصد إلى أنه في الفترة التي كان يسيطر فيها تنظيم داعش الإرهابي على بعض المناطق في سوريا والعراق، اعتمد في تمويل عملياته الدموية وخططه الخبيثة بشكل رئيس على سلب ثروات البلدان ونهبها كالبترول مثلًا، أو مصادرة أموال الأفراد بالقوة، أو الاتجار بالأعضاء والأدوية المخدرة، وبعد سقوط معاقله الرئيسة، تحول جزء كبير من أنشطة التنظيم إلى الفضاء الإلكتروني.
وفي هذا الصدد، سلَّطت جريدة «لا راثون» الإسبانيَّة، بتاريخ 16 نوفمبر 2022، الضوء على استخدام عناصر داعش تطبيقات إلكترونيَّة خاصَّة بالمواعدة في الاحتيال على روَّاده من الشباب والفتيات، واستغلالهم للحصول على أموال كمصدر لتمويل أنشطة التنظيم الإرهابيَّة، لافتة إلى وقوع حالات احتيال في جنوب إفريقيا عبر تلك التطبيقات، وحصول عناصر التنظيم على أموال لتمويل جرائمهم التنظيم وحملاتهم الإرهابيَّة في أفريقيا.
وأكد المرصد أنه اكتُشفت حالات عديدة وقعت ضحايا في شباك التنظيم وانقادت لتوجهاته المتطرِّفة وكانت البداية تلك التطبيقات، ومنها حالة «سامانثا ليثويت» وهي طبقًا لموقع «ذا تايمز» بتاريخ 14 نوفمبر 2022، بريطانيَّة اعتنقت الإسلام وتزوَّجت بأحدِ الإرهابيين الذي لقي حتفه لاحقًا في تفجيرات لندن عام 2005.
ويُشتبه في أنها ساعدت حركة الشباب الصوماليَّة في التخطيط لهجومها على المركز التجاري «وستغيت» في نيروبي، عام 2013، وراح ضحيته 67 شخصًا.
وأكد المرصد أنّ هذه الاستراتيجية الجديدة، تبين أن التنظيم لا يتورع من استغلال أية وسيلة في سبيل تحقيق أغراضه الإجرامية، إذ تتناقض ممارساته على الأرض مع الفتاوى التي يُصدرها، ويخالف الدين دون تردد للحصول على بُغيَته، فهو الذي أجاز استخدام العُملات الرقميَّة المشفَّرة، وتحوَّل لاستخدام التطبيقات الإلكترونيَّة، وأجاز عمليَّات النصب والاحتيال التي ينفذها عناصره من خلالها للحصول على التمويل اللازم، وكذلك الإيقاع بضحايا تنفذ مخططاته الخبيثة، ولا غرابة في ذلك إذ اتَّضح لنا أنَّ شعار التنظيم الحقيقي هو «الغاية تبرِّر الوسيلة»، وأن الشعارات الدينية هي مجرد ستار لما يقترفه من هجمات وحشيَّة وأعمال تخريبيَّة.
أسلوب داعش الجديد في استقطاب الأشخاص
وأشار المصد إلى الملمح الجديد في هذه الاستراتيجية، هو أنَّ التنظيم لم يعد قادرًا على المواجهة مع مَن يستقطبهم، فلا يحاورهم صراحة بل يحتال عليهم، ويتقمَّص أدوار شخصيَّات مزيَّفة للإيقاع بهم للوصول لمُبتَغاه، وهذا يؤكد أيضًا سقوط الجزء الأكبر من القناع الذي كان يخدع به الكثيرين، ممن يفتقرون إلى الوعي والمعرفة، بعد اكتشاف تناقضاته وخلله الفكري والمنهجي.
وحذر المرصد من خطورة الأمر، مطالبًا المجتمع الدولي أن الانتباه إلى هذه التطبيقات الخطيرة ومثيلاتها، والعمل على مكافحتها، حيث تحوَّل تنظيم داعش الإرهابي بكامل طاقته إلى العمل في الفضاء الإلكتروني بعد فقده السيطرة على معاقله الرئيسيَّة في سوريا والعراق، وهو ما يعطي الفرصة له ولتنظيمات متطرفة أخرى للقيام بمزيد من العمليات الإجراميَّة التي تهدِّد أمن المجتمعات.
كما يعد هذا التوجه نشاطًا جديدًا يُضاف إلى سلسلة الأنشطة الإجراميَّة المخالفة للدين وللقوانين التي ينتهجها التنظيم في سبيل تحقيق مآربه الإرهابيَّة.
ونبه مرصد الأزهر من خطورة توسيع التنظيم رقعة أنشطته الإرهابية في دول أخرى داخل القارة الإفريقية، الأمر الذي يستلزم بذل مزيد من جهود التنمية الحقيقة في الدول الأفريقية التي تعاني من جرائم التنظيم، وكذلك توطيد التعاون الدولي في هذا المجال لتضييق الخناق على أعمال التنظيمات الإرهابيَّة، وشلِّ حركة عناصرها وتجفيف منابع تمويلها.