«أسوان تنتظر»
عيسى الزرعونى
لم يكن من الصعب أن أشعر بالإلهام فى هذا المكان، بعدما وجدت نفسى أمام منظر مثالى يجمع بين الجمال الطبيعى الخلاب والتراث الثقافى الغنى، انبهرت بروعة المشهد الذى تقدمه البلكونة الخاصة بفندق فيرمونت أسوان، المطلة على النيل الذى يختلف تماماً عما نراه فى نيل القاهرة. النيل فى أسوان كأنك تشاهد فيلماً مصرياً من خمسينات القرن الماضى، وتبحر فيه السفن الشراعية البيضاء، ويجد النوبى الأسمر البشوش مكانه بجوارها، والكثبان الرملية الملاصقة للماء، والإبل المجهزة لرحلات السفارى.
لم أستطع مقاومة المشهد، جلست متأملاً والجو بارد منعش وفتحت على أغنية «محمد منير»، فنان أسوان وابن هذه المدينة، حتى أجعل حاسة السمع تستمع أيضاً مع ما تبصر به عيناى.
يتميز هذا المكان بطبيعته البديعة والمناظر الخلابة التى تجذب السياح من مختلف الجنسيات، وبلغ عدد السياح خلال الفترة من 2018-2022 أكثر من مليون سائح، وما يضاهى جمال الطبيعة، هو روح ساكنيها وحبهم لضيافة القادم إليهم وكرمهم الشديد، وأكلهم اللذيذ من الفطير والكشرى النوبى والسمك واللحم الذى تريد أن تزيد وزنك عليها بدون ندم.
ولكن، هل يمكن أن نتخيل المزيد من التنمية والتطوير فى أسوان؟ هناك الكثير من الفرص الاستثمارية المتاحة فى هذه المنطقة، فهى تمتلك تفاصيل لا يشبهها أحد، لذلك هى قبلة السواح المغرمين بالطبيعة والبساطة، الهاربين من زوبعة المدن.
ماذا لو تم تطوير مطار أسوان ليصبح مطاراً دولياً تُسيّر له الرحلات من آسيا وأوروبا وحتى الخليج؟ لاختلف الأمر تماماً، وازدهرت المنطقة بسكانها وتوافرت العديد من الوظائف، خصوصاً بعد تغيير مكان أسواق الإبل والمواشى من أسوان إلى حدود السودان، مما أفقد الكثير من الفرص الوظيفية التى كانت تعتاش على وجود هذا النوع من تجارة الإبل والمواشى.
المنطقة حقاً لا ينقصها شيء سوى تجار مبدعين من الخارج والوطنيين من تجار الداخل، والمستثمرين الذين استفادوا من تسهيلات الحكومة لهم، وبنوا مشاريع تعتبر أيقونة فى مختلف محافظات مصر، بأن يشمروا أياديهم إلى هذه المدينة.
ألم نسمع بمشروع فى القاهرة تم البيع فيه بقيمة 19 مليار جنيه خلال 3 أسابيع والمشروع على ورق فقط، والأرض صحراء؟!لا ننسى أن جلب المستثمر يحتاج لرشاقة وسرعة إنجاز الطلبات وابتكار الحلول.. وهذا ما أدركه الرئيس السيسى فأصبح يسن القوانين ويحارب الكسل.
وجاء التعاون الحكومى بين الإمارات ومصر فى مجال تطوير الأداء الحكومى، من خلال اتفاقية عام 2016، وقد تضمنت تبادل الخبرات والتعاون فى مجالات عدة مثل تطوير الخدمات الحكومية وتحسين الأداء المؤسسى والتقنيات الحديثة، التى تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتقديم خدمات أفضل للمواطنين والمستثمرين.
علينا أن نكون حالمين، وجاهدين لغد أفضل، ولكن بالجهد والتخطيط الجيد.. فمثلاً نجحت «دبى» فى التحول إلى واحدة من أهم المدن العالمية، ومركز اقتصادى وسياحى مهم. لذلك، يجب علينا أن نتعلم من تجارب المدن العالمية الأخرى، ونستغل إمكانيات أسوان الكبيرة لنصنع مستقبلاً أفضل لها ولأجيالنا القادمة، فالأمل قادر على تحقيق المستحيل.