شهادة مصطفى بكرى عن الدستور: مواطن «الخلل» كثيرة
شهادة مصطفى بكرى عن الدستور: مواطن «الخلل» كثيرة
مصطفى بكرى
نحن أمام أزمة حقيقية فى المشهد السياسى الحالى ما بين الرئيس الذى يطالب بإتمام الاستحقاق الثالث من «خارطة الطريق» وإجراء الانتخابات البرلمانية، وبين العراقيل التى تتمثل فى بعض المواد الدستورية، وأبرزها المادة 121 والمادة 102 المتعلقة بتقسيم الدوائر، وفقاً للمعايير الانتخابية والسياسية.
ولقد نبهت مراراً إلى أن بعض مواد الدستور تمت صياغتها بطريقة أو بأخرى، وهى قابلة لتفسير متناقض ومختلف عن معناها الحقيقى، خاصة المتعلقة بمواد نظام الحكم وصلاحيات رئيس الجمهورية ومجلس الشعب والعلاقة بين السلطات وتنظيم إنشاء الأحزاب، ووفقاً لتلك المواد لا أظن أن يتم التقسيم الحالى للدوائر الانتخابية بشكل عادل، لأن التقسيم سيأتى موافقاً لما نص عليه الدستور.
وأتصور أنه إذا كان المشرّع أعطى نسبة 25% انحرافاً، فنرجو أن تكون تلك الوسيلة مخرجاً للأزمة، إلا أننى أتوقع أن تتعدد المطاعن الدستورية خلال الفترة المقبلة، خاصة أن التفسيرات متعددة، مثل المواد المتعلقة بمسألة الجنسية المصرية، التى اختُلف عليها، وقد قرر مجلس الوزراء أن تكون الجنسية المصرية منفردة، حفظاً للأمن القومى المصرى.
ومواطن الخلل فى الدستور المصرى متعددة، والحل هو أن يستمع البرلمان المقبل إلى رأى الناس، ثم يتقدّم بالتعديلات إذا كان هناك ما يستوجب التعديل.
وهناك الكثير من المواد التى تستوجب التعديل، تتعلق بالانتخابات البرلمانية والمواد المتعقلة بالعلاقة بين السلطات، وسلطات رئيس الجمهورية، والمواد المتعلقة بسلطات مجلس النواب المقبل، وتحديد أكبر لماهية تأسيس الأحزاب على أساس دينى، وغير ذلك من المواد التى تحوى صيغاً مطاطة تحتاج إلى تعديلات.
وأرى أننا فى المرحلة الحالية ونتيجة الضغوط السياسية والأحداث المشتعلة على الصعيد الداخلى والخارجى، فنحن فى مأزق بين مقتضيات الأمن القومى وما نص عليه الدستور، وأعتقد أنه من الخطورة السماح لهذا النص المتعلق بالجنسية المصرية بالمرور دون مراجعة النص بدقة، خاصة أن قضية الأمن القومى ومقتضياتها كانت توجب على المشرع الدستورى أن يحدد بشكل واضح كل النقاط اللازمة لإظهار المادة، بما يسمح لخلافات دستورية حول تفسيرها، فنحن نواجه أزمة فيما يتعلق باختلاف التفسيرات حول أغلب مواد الدستور.
وأتصور أننا أمام خيار من اثنين، إما أن يُجرى الاستفتاء على بعض المواد الدستورية التى يمكن أن تمثل مشكلة حقيقية، وأرى ضرورة الاستفتاء على المواد ذات «الصيغ المطاطة»، وأن تعاد صياغتها، وإن كانت تلك العملية ستستهلك الكثير من الوقت قبل تحقيق استحقاق خارطة الطريق المتعلق بانتخابات البرلمان.
وأما الخيار الثانى فيتمثل فى أن يتحمّل البرلمان المقبل مسئوليته عن المواد التى تحوم حولها شبهات الالتباس فى التفسير إذا رأى ضرورة تعديلها أو تلك المواد التى تقبل أكثر من تفسير، فذلك سيكون حق البرلمان، إلا أن المرحلة الحالية لن تتحمل أن يتم تشكيل مجلس نواب مشكوك فى دستوريته كى يتم حله فيما بعد. ووجود هذه الثغرات القانونية فى الدستور لن يدفع ببطلانه بشكل كامل، لكن يجب إعادة النظر فى بعض المواد التى تحتمل أكثر من تأويل وتفسير.