«ماتوزوف»: أمريكا تنتظر سيطرة «داعش» على سوريا وإسقاط «الأسد» لتبدأ المعركة.. وما يحدث الآن «حرب بالوكالة»
«ماتوزوف»: أمريكا تنتظر سيطرة «داعش» على سوريا وإسقاط «الأسد» لتبدأ المعركة.. وما يحدث الآن «حرب بالوكالة»
فيتشسلاف ماتوزوف
أكد الدبلوماسى الروسى السابق «فيتشسلاف ماتوزوف» أن الفترة التى يعيشها العالم حالياً يغلب عليها طابع الحرب بالوكالة، ما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى السابق والولايات المتحدة. واستبعد الخبير السياسى الروسى، فى حوار أجرته معه «الوطن»، أن يتجه العالم إلى حرب عالمية ثالثة وصدام عسكرى بين «موسكو وواشنطن» على خلفية الغارات الروسية على مواقع التنظيمات الإرهابية فى سوريا، قائلاً: «هناك تنسيق بين الطرفين لعدم الصدام، ولا أى طرف منهما يريد الصدام مع الطرف الآخر». وأكد أن هدف الغارات الروسية فى سوريا هو دعم الجيش السورى فى مواجهة من وصفهم بـ«مرتزقة أمريكا وتركيا وإسرائيل» فى سوريا.
■ فى البداية، لماذا أقدمت روسيا على شن غارات جوية على سوريا الآن؟
- مر نحو 5 سنوات والعالم يشاهد التطورات الخطيرة والدموية على أرض سوريا بين الجهات المعارضة المدعومة من الغرب وحلف شمال الأطلسى وأمريكا، وعلى الجانب الآخر الجيش السورى والحلفاء للحكومة السورية، ولذلك وصلوا إلى المأزق الذى هم عليه الآن. والحقيقة أن الدولة السورية تتعرض إلى محاولة تقسيم إلى دويلات، ويتحدثون عن ذلك صراحة كخيار لإنهاء الصراع فى سوريا، ويدعم ذلك الخيار دوائر الإعلام الأمريكية وبعض دوائر الإعلام فى روسيا المدعومة من أمريكا، وكأن على العالم أن يسمح بتقسيمها إلى أقسام.
دبلوماسى روسى سابق: لن تكون «حرباً ثالثة» «لأن القطبين» لا يريدان صداماً.. ويكفينا دعم مصر لضرباتنا
■ تعنى أن «موسكو» تحركت للحفاظ على وحدة سوريا؟
- نعم، فانتقالاً من الوضع الميدانى فى سوريا، روسيا أخذت القرار بأن تدعم بكل القدرات العسكرية الممكنة الجيش العربى السورى، والحكومة الشرعية فى سوريا، وعلى رأسها الرئيس المنتخب بشار الأسد. يقولون إن روسيا تؤيد بشار الأسد. لا، نحن نؤيد سوريا كدولة وشعب عربى اختار بشار الأسد رئيساً، ومن حقه اختيار البرلمان والحكومة، ولهذا قررنا بكل حزم التصدى لمحاولات إسقاط بشار الأسد بالقوة الإرهابية وعلى رأسها تنظيم «داعش» الإرهابى الذى هو وسيلة لإسقاط النظام.
■ لكن كان هناك التحالف الدولى الذى تقوده أمريكا ضد «داعش»، ألم يحقق نتائج؟
- ليس صدفة أنه الآن تمر سنة كاملة على التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة للحرب على «داعش»، لكن دون نتيجة إيجابية واحدة. وبعيداً عن الغارات، فهناك أكثر من هذا وهو أن «داعش» انتشر فى مناطق أوسع من الأراضى السورية وفى العراق. ولا بد أن نفهم أنه لا يمكن التغلب على قوة تدميرية دون عمليات عسكرية برية على الأرض، وروسيا تقدمت بهذا الاقتراح إلى دول التحالف الأمريكى، لكن أمريكا لا ترغب فى مكافحة الإرهاب على الأرض، ولا أن تضع له حداً.
■ ما تعليقك على تبرير «واشنطن» بأنها تدعم جماعات المعارضة المعتدلة على الأرض؟
- لا يوجد عملياً ما يسمى جماعات معارضة معتدلة، هناك 500 مليون دولار أمريكى أُنفقت لتدريب مقاتلين فى الأردن وتركيا ليعودوا إلى سوريا ويواجهوا نظام «الأسد». النتيجة أنه لم يتبق منهم سوى 4 أو 5 أفراد، وكل ما أُنفق ضاع، وهو تساؤل يفرض نفسه فى أمريكا، أين ذهبت الأموال المنفقة لهذا الغرض؟ أضف إلى ذلك أن كل الفصائل الفلسطينية التى تنحدر من تركيا والأردن إلى سوريا خلال يوم أو يومين تنتقل إلى جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابى، وجبهة النصرة لا تخفى ذلك.
■ هذا يعنى أن أمريكا وضعت يدها فى يد «القاعدة» فى سوريا؟
- نعم هناك أصوات فى أمريكا ترى الاعتراف بالفرع السورى لـ«القاعدة»، أى «جبهة النصرة»، كجزء مما يسمى المعارضة المعتدلة، لأنه فى الأرض لا يوجد عملياً إلا «جبهة النصرة»، ولتستمر المعارضة المسلحة فإنهم اقترحوا التعاون مع تلك المنظمة الإرهابية ووضع يدهم فى يد تنظيم تابع للقاعدة. وهنا أقول إن روسيا أخذت قرارها الحاسم، ولا ضغوطات أجنبية أو غربية أو أمريكية أو أى شىء سيعيد موسكو عن قرارها أو يؤثر عليها.
عملاء أمريكا وإسرائيل وتركيا موجودون فى سوريا.. والصواريخ الموجَّهة إلكترونياً ستقضى على ملاجئ الإرهاب حتى عمق 10 أمتار
■ ما حدود العمليات العسكرية الروسية فى سوريا؟
- نحن تدخلنا جواً ونرسل تعزيزات عسكرية إلى الجيش العربى السورى، ونساعده من الجو. القرار الروسى ليس تدخلاً برياً مباشراً وإنما بالطائرات لطرد كل الفصائل المسلحة فى الأرض السورية التى ليس لها أى طابع شرعى، وتحمل السلاح فى مواجهة السلطة الشرعية فى سوريا. وروسيا لا تأخذ بعين الاعتبار ما يقال حول أنها تؤيد السلطة، السلطة هى السلطة الشرعية، وكل المجموعات المسلحة التى تحمل السلاح فى مواجهة السلطة برأيى أنا تعارض القوانين الدولية والشرعية الدولية. وهو ما عبّر عنه الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» خلال مشاركته فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى «نيويورك»، وفى الوقت نفسه فإن روسيا موقفها منفتح على جميع الفصائل فى سوريا دون خلفيات مسبقة من أى طرف إذا كانت هناك رغبة للتوصل إلى حل سياسى.
■ واقعياً، ألا تخشى حدوث مصادمات عسكرية بين روسيا ودول أخرى فى سوريا؟
- لا أتوقع، لأنه على البر لا يوجد هناك قوات برية أمريكية أو تركية أو إسرائيلية، وإنما عملاء تلك الدول هم الموجودون فى سوريا، ليس هناك جيوش مباشرة. وحتى أمريكا لا تريد الاصطدام مع روسيا، وروسيا أيضاً لا تريد ذلك. وبالنسبة للغارات الجوية الأمريكية التى تكون من وقت لآخر فوق الأجواء السورية، لا شك أنهم سيتخذون الآن تدابير أكثر حتى يستبعدوا أى احتمالية لصدام بين الطيران الروسى والأمريكى. على هذا الأساس «بوتين» أكد خلال لقائه بنظيره الأمريكى «باراك أوباما» ضرورة تنسيق العمليات على مستوى وزارتى الدفاع الروسية والأمريكية.
■ هل هناك إمكانية لتدخل قوات برية روسية فى سوريا؟
- أعتقد أن روسيا ستقضى على الجماعات الإرهابية فى سوريا من خلال الجو باستخدام الطائرات الحديثة، والصواريخ الموجهة إلكترونياً، فى كل وقت، وفى كل مكان. حتى الملاجئ التى يستخدمها «داعش» وتقع على عمق 10 أمتار تحت سطح الأرض والمراكز القيادية لها يتم الوصول إليها ويتم تفجير تلك الملاجئ. وذلك لأن روسيا جادة فى دعم الجيش السورى فى تحرير بلاده من المقاتلين الأجانب والمقاتلين السوريين إذا استمروا فى إطلاق النار.
■ يقولون إن روسيا تُشعل فتيل حرب عالمية ثالثة بغاراتها على سوريا، ما تعليقك؟
- لا أتوقع أى صدام من أى اتجاه لروسيا مع تركيا أو إسرائيل أو أمريكا. بل على العكس نسمع صوت رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يقول إنه من مصلحة إسرائيل ألا تسوء العلاقات مع روسيا، وألا تعود إلى ما كانت عليه فى فترة الحرب الباردة. وإذا نظرنا إلى الموقف الأوروبى فإنه يتغير جذرياً، فنحن اليوم نسمع أصواتاً من قادة أوروبا يتحدثون عن ضرورة التعاون مع الجيش العربى السورى لمكافحة الإرهاب.
■ فى رأيك، لماذا تغير الموقف الأوروبى؟
- لأن أوروبا اصطدمت بموجة لاجئين تركوا كل ما وراءهم فى سوريا نتيجة الحرب وذهبوا إلى أوروبا. وكذلك ليبيا التى أنهكتها سياسات الولايات المتحدة الأمريكية التداخلية، فخرج اللاجئون، وباتت الدول الأوروبية تجنى ما زرعته السياسة الأمريكية الخاطئة.
■ وماذا عن العالم العربى؟
- بالنسبة للعالم العربى، الآن مصر أعلنت أنها تؤيد الضربات العسكرية الروسية فى سوريا، وأنها ستساهم فى القضاء على الإرهاب، ونحن يكفينا من العالم العربى دعم دولة بحجم مصر، الموقف العربى يمثله أكبر دولة فى العالم العربى وهى مصر التى نتحالف معها فى فكرة محاربة الإرهاب الذى يهدد الدول العربية كلها بما فيها دول الخليج العربى، وكذلك يهدد إيران وشمال أفريقيا وكذلك روسيا وأوروبا.
■ وكيف تدعم «موسكو» فرص التسوية السلمية للنزاع فى سوريا؟
- روسيا مستعدة لدعم حوار «سورى-سورى»، وإيجاد الحلول السلمية، فالشعب السورى لا يتحمل ما يحدث، ولا بد من البحث عن حياة جديدة للسوريين، نحن بالعمليات الجوية الروسية على مواقع الإرهابيين نشاهد اليوم ولادة دولة عربية جديدة على أرض سوريا، ما يفتح المجال لانتخابات حرة ونزيهة، ومن يقرر شرعية «الأسد» هو الشعب السورى وليس «بوتين» أو «أوباما».
ومن الممكن أن نذهب إلى انتخابات فى سوريا وأن نوفر للمعارضة كل الضمانات اللازمة، بما فى ذلك رقابة دولية واتخاذ كل الوسائل الممكنة لضمان وجود انتخابات نزيهة، ولا بد من طرد المرتزقة والمقاتلين، وفتح المجال أمام الشعب السورى لكى يقرر مصيره، ولا بد من عودة اللاجئين إلى وطنهم، ونحن ضد اللجوء إلى أوروبا، ومع عودتهم بإنهاء الحرب السورية.
■ هل نحن فى حالة حرب بالوكالة؟ وهل هذا يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة؟
- ما يحدث اليوم هو حرب بالوكالة، ما يعيد أجواء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى السابق، فهناك قوات وعملاء لدول يحاربون على الأرض فى سوريا ويعملون لخدمة أمريكا. وكذلك معسكرات التدريب الأمريكية للمقاتلين السوريين فى تركيا والأردن. أسلوب أمريكا فى الحرب معروف، و«داعش» وُلد من السياسات الأمريكية أولاً فى العراق وامتد إلى سوريا، لإسقاط السلطة السياسية فى سوريا.