الحياة فى «شنطة العدة».. شعار الجالسين على مقهى «عبدالصبور»
الحياة فى «شنطة العدة».. شعار الجالسين على مقهى «عبدالصبور»
![«صنايعية» على مقهى «عبدالصبور»](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/19606102171453665294.jpg)
«صنايعية» على مقهى «عبدالصبور»
منذ الصباح الباكر يتخذ كل منهم موقعه على المقهى، يتراصون فى تناغم غير مقصود، هذا سباك وآخر نجار وثالث كهربائى ورابع سمكرى سيارات، دون أن يربطهم سوى تلك العلاقة التاريخية التى أحدثها المقهى بينهم، والحقيبة التى يحملها كل منهم ولا تزيد محتوياتها على عدة الشغل، والموقع الذى قرروا اتخاذه محلاً لعملهم ويتمثل فى «قهوة عبدالصبور» بعزبة العسال.
يتخذها الحرفيون والمحامون محلاً لعملهم مقابل «أرضية» لصاحب المقهى
تارة يسمونها «قهوة الأرزقية»، وأخرى يسمونها «قهوة الصنايعية»، وبين الاسمين لا خلاف فى المحتوى، الذى تبناه المقهى دون قصد، حين قصده الحرفيون الذين لا يملكون ورشاً أو محال لأعمالهم، وانطلقت شهرتهم منها، يساعدهم على هذا صاحب المقهى وصبيانه، ممن يقدمون الحلول للزبائن «لو عايز سمكرى سيارات كويس أهو الأسطى عيد قاعد جنبك». 45 عاما كاملة، و«عيد محمد» على المقهى نفسه، يتطلع فى وجوه المارة ثم يحدث نفسه سائلاً: «يا رب افرجها من عندك علشان أجيب علاج الواد»، طوال هذه السنوات وعيد يمارس عمله سمكرى سيارات من خلال المقهى: «بصلح أبواب العربيات ومشهور قوى على القهوة وشنطة العدة مش بتفارقنى، والزباين بتحب تجيلى عشان أسعارى حنينة وشغلى نضيف»، لم يفكر «عيد» يوماً فى امتلاك ورشة: «أصل تفاصيلها ومصاريفها كتير، واللى جاى يدوب على قد علاج ابنى العيان ومدرسته ودروسه الخصوصية، القهوة بتحقق لى شهرة أكبر، وديّتها أرضية بسيطة بدفعها لصاحب القهوة».
على الكرسى المقابل لـ «عيد» يجلس الحاج «سيد عبدالحفيظ» الذى قضى حياته بعزبة العسال، متردداً صباح كل يوم على «قهوة عبدالصبور»: «عم سيد بتاع الخلاطات»، اللقب الذى اشتهر به الرجل السبعينى بين زبائنه: «بصلح خلاط بايظ أو بوتاجاز أو غسالة، أى حاجة آكل منها عيش لأنى عايش لوحدى بعد ما الحاجة توفت والعيال اتجوزوا، والمساعد هو ربنا، وربنا بيرزقنى بـ5 جنيه فى الخلاط، ولو بوتاجاز أو غسالة الرزق بيوسع». يشارك «سليمان السيد» زملاءه «عيد» و«عبدالحفيظ» رصيف القهوة، يتبادل معهم الأحاديث الجانبية بين وقت وآخر، يعمل سليمان بمهنة المحاماة ويؤكد أنه اعتاد القدوم إلى القهوة يومياً لكونه لا يملك مكتباً لمهنته: «القهوة دى معروفة جداً وكل الناس بتيجى هنا اللى بيدور على بنا أو نقاش أو سباك كله موجود، ومفيش مانع من محامى كمان، وكله علشان نسترزق».