أشهر وقائع الانتفاضة ضد الاحتلال: الإنجليز يحاصرون «ديرمواس» انتقاماً من معركة «بلاليص العسل»
![حمادة الفولي](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/9671832411551899750.jpg)
حمادة الفولي
شهدت فترة ثورة 1919 محاكمات على نطاق واسع، كان ضحيتها من نسب إليهم تدشين الجمعيات الثورية أو النضال ضد قوات الاحتلال البريطانى أو مقاومة السلطة القائمة بأى شكل أو أسلوب، وكانت مصر واقعة تحت الأحكام العرفية البريطانية آنذاك، ولهذا المحاكمات جميعها عسكرية، وعينت قوات الاحتلال ضابطاً بريطانياً بكل منطقة لجمع التحريات والأدلة ضد من رأت اتهامهم فى حوادث وزارة محمد سعيد باشا، وجرى الاتفاق بعدها على وقف المحاكمات العسكرية وإحالة غير المحكوم عليهم إلى محكمة الجنايات المصرية، وتعتبر قضية «ديرمواس» من أهم المحاكمات العسكرية البريطانية، حيث وُجهت اتهامات للثوار بقتل 8 ضباط وجنود إنجليز فى القطار بديروط وديرمواس 18 مارس سنة 1919، وأخذت القضية رقم «ج 1 ص 259»، وتعد من أشد وقائع الثورة عنفاً، ووصل عدد المتهمين إلى 91 مصرياً، منهم عدد من الأعيان وذوى الأملاك، وأبنائهم وذويهم من ضباط البوليس والعُمد وشيوخ البلد والطلبة والمدرسين والمزارعين والصناع.
يقول حمادة زهير فولى، الذى أعدم الاحتلال الإنجليزى جده عبدالعليم فولى، وشقيقه عبدالمجيد فولى، وكانا من أعيان ديرمواس، إن شرارة ثورة 1919 اشتعلت فى المنيا من ناحية ديرمواس، حينما أقدمت حشود الثوار وقُدرت بـ4 آلاف متظاهر على قطع خطوط السكك الحديدية أمام قطار الجيش الإنجليزى، وهاجموا القطار، وقتلوا ضباط وجنود الاحتلال الإنجليزى، والضباط هم ميجور جارفور، والملازم ويلسى، و5 جنود إنجليز آخرين، كما انتحر مفتش السجون القائم مقام داخل القطار هرباً من الموت بعصى المتظاهرين، بعد رفضه ارتداء ملابس النساء.
وحاصر الإنجليز «ديرمواس» بالأسلحة الثقيلة والهجانة قائدى الجمال وحاملى الكرابيج، وشرع الإنجليز فى التمثيل بجثث الأهالى بعد قتلهم، لا سيما أن المطلوبين من الثوار كانوا فى صفحة أوامر عسكرية مع الضابط الإنجليزى، لكن أشكالهم لم تكن معروفة، وبالفعل تم القبض على بعض منهم، وحكم القاضى البريطانى بالإعدام على 51 مواطناً مصرياً من أبناء ديرمواس، وعفا القائد العام عن واحد منهم، وعدّل عقوبة الإعدام إلى الأشغال الشاقة لـ10 أشخاص، وبعد وساطة رئيس الوزراء حينها محمد سعيد باشا، عدلها لـ6 آخرين ونفذ حكم الإعدام فى الباقين وعددهم 34، أبرزهم عبدالعليم فولى، وعبدالمجيد فولى، ومحمد مرسى شحاتة، وعبدالحكيم عبدالباقى، وفرغلى مبارك، وعبداللطيف عبدالله، أما رزق مراد عبدالله وكان يبلغ 70 عاماً فقد أوصت المحكمة بالعفو عنه وعدل الحكم عليه إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
وعن سبب تردد مقولة «الدم والعسل» وصفاً لما حدث فى ديرمواس أثناء ثورة 1919، قال «حمادة»: «الفلاحون كانوا يحملون حينها بلاليص العسل، وعندما وصل الجنود إلى البلدة استخدمها الفلاحون ضدهم وقذفوهم بها، ولما أتى الجنود واشتدت رحى المعركة لم يجد الأهالى غير تلك البلاليص ليقذفوا بها الجنود البريطانيين، فاختلط وقتها العسل الشهى بدماء الجندى المحتل، واشتهرت ديرمواس منذ ذلك الوقت ببلد الدم والعسل»، وأوضح أن الاحتلال الإنجليزى لم يترك العائلة بعد ثورة 1919، وضيق الخناق على الأبناء انتقاماً لما فعله الشقيقان عبدالعليم وعبدالمجيد، مشيراً إلى أن سرايا عبدالغنى فولى من أقدم قصور الصعيد، ويرجع تاريخها لعام 1886.