منجؤونة وتكسير زجاجات وعفش من البلكونة.. مظاهر احتفالات رأس السنة ببورسعيد
مؤرخ يوضح: عادات منقولة من الجاليات الأجنبية
![المؤرخ البورسعيدي - محمد بيوض](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/9020535511640787466.jpg)
المؤرخ البورسعيدي - محمد بيوض
يستقبل العالم رأس السنة الميلادية، كل منطقةٍ بعاداتها، وكل فئةٍ أو مجموعةٍ من البشر بما توارثوه واعتادوا عليه في الاحتفال بوداع عامٍ واستقبال آخر، ومن بين تلك العادات الاحتفالية تبرز عادة تكسير الزجاجات الفارغة في استقبال رأس السنة الميلادية الجديدة، التي تتميز بها محافظة بورسعيد.
يفسر المؤرخ البورسعيدي المهندس محمد بيوض، سر العادة البورسعيدية في حديث لـ«الوطن» بأن المحافظة مدينة «كوزموبوليتان»، أي مدينة متعددة الثقافات والديانات منذ نشأتها وضُرب أول معول فيها لحفر قناة السويس عام 1856، حين جاءت الجاليات الأجنبية الفرنسية والإنجليزية والإيطالية واليونانية والقبرصية والمالطية من بلادهم للإقامة فيها، والعمل في الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، واندمجت هذه الجاليات مع المصريين الذين كانوا يسكنون في حي العرب بينما الجاليات الأجنبية كانوا يعيشون في حي «الإفرنج» المعروف باسم حي الشرق حاليا.
وتابع «بيوض» أن بورسعيد لها عادات وتقاليد تميز المدينة عن غيرها من المحافظات الأخرى، من ضمنها الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، وهى إلقاء كل قديم من البلكونات تيمنا وتفاؤلا بالعام الميلادي الجديد.
عادة إلقاء العفش القديم مستحدثة من الجاليات اليونانية والإيطالية
وأوضح المؤرخ البورسعيدي أن عادة إلقاء الأشياء القديمة «العفش القديم وقتها»، استحدثها السكان من أوروبا، خاصة من الجاليات اليونانية والإيطالية، كما كانوا يلقون بزجاجات الخمور الفارغة ليلة رأس السنة الجديدة، واقتبسها البورسعيدية منهم، وهي عادة غير جيدة تسبب أذىً بالشوارع، ثم توارثتها الأجيال ويمارسونها حاليا بشكل أقل، إذ تمارس في بعض الأماكن في بورسعيد، وتحديدا في حي الشرق أو «الإفرنج»، الذي كان يعيش به الجاليات الأجنبية.
السفن تطلق أبواقها بميناء بورسعيد والأهالي يلقون الألعاب النارية
ويكمل المؤرخ البورسعيدي أن الاحتفال برأس السنة ما زال له طقوسه الخاصة حتى الآن، المتمثلة في أن السفن الموجودة بميناء بورسعيد تطلق أبواقها الساعة 12 منتصف ليلة رأس السنة احتفالا بالعام الجديد، وبالتزامن معها يلقي أهالي بورسعيد من البلكونات الزجاجات الفارغة ويأخذ المارة في الشوارع الحيطة والحذر في هذا التوقيت خوفا من التعرض للأذى.
وأكد «بيوض» أن أهالي بورسعيد أيضا كانوا يحتفلون بليلة رأس السنة بإطلاق الألعاب النارية في السماء، ولا زالت هذه العادة متوارثة بالإضافة لإلقاء وتكسير الزجاج الفارغ وهى مختلفة عن باقي محافظات الجمهورية، مشيرا إلى وجود بعض الأسر من الجاليات الأجنبية القليلة اليونانية والإيطالية التي رفضت ترك بورسعيد ويعيش أبناؤهم في المحافظة ويمارسون هذه العادات.
المنجؤونة أكلة إيطالية تميز بها البورسعيدية في ليلة رأس السنة
وقال المؤرخ البورسعيدي أن أبناء بورسعيد توارثوا فطيرة «المنجؤون» من الجالية الإيطالية، حيث كان أحد البائعين الإيطاليين يبيعها على دراجته داخل «فاترينة» زجاجية ويردد: «مان جا أونة»، أي فطيرة من الطراز الأول وتتكون من الدقيق وعليها سكر على شكل دائرة حلزونية وفى وسطها بيضة نيئة لتدهن بها وجه الفطيرة، وتدخل الفرن وتخرج بطعم شهي، لافتا إلى أنها أطلق عليها «منجؤونة»، ويجري طهيها في ليلة رأس السنة وأعياد شم النسيم.
ركوب المعديات ضمن الاحتفالات بالعام الجديد
ويكمل «بيوض» أن من ضمن عادات البورسعيدية التي يمارسونها حتى الآن خروج أهالي المحافظة إلى المعديات العابرة إلى قناة السويس في العاشرة مساءً، ويركبون المعدية التي تصل بورسعيد ببور فؤاد ويحتفلون ويسترجعون الذكريات ويستشعرون أنهم في رحاب الأجداد الذين حفروا القناة، حتى تأتي الساعة الثانية عشرة منتصف الليل وانطلاق أبواق السفن، ويحرصون أن يكونوا في وسط القناة، أي بين قارتي إفريقيا وآسيا التي جلبت الخير لمصر، وهي أصل بورسعيد ليأتي العام الجديد بسعادة وبهجة وأمل في أن القادم أفضل، مشيرا إلى أنها بهجة لا تضاهيها بهجة في أماكن أخرى.
وأكد أن الأهالي المسلمين يحتفلون مع بقايا الجاليات الأجنبية والإخوة المسيحيين ببورسعيد التي بها طوائف توارثتها الأجيال، منها المارونية والأرثوذوكسية والبروتستانت ويندمجون معا ويحيطون بالكنائس ويشارك الجميع ويسعدون بالاحتفال بليلة رأس السنة.
وأكد بيوض "نحن المسلمين نبالغ فى الاحتفال بميلاد السيد المسيح لأننا نؤمن به ونشارك المسيحيين فرحتهم كما أنه يتم دعوتنا لحضور القداس فى الكنائس التى بنتها الجاليات الأجنبية ونستحضر مع هذه الجاليات التى ما زالت مقيمة بها.
ويأمل المؤرخ البورسعيدي أن يكون عام 2022 هو عام بركة وخير على بورسعيد ومصر كلها.