جولة سريعة فى وسائل التواصل الاجتماعى يمكن من خلالها أن ندرك بروز ظاهرة اجتماعية ترتبط بالزواج والطلاق. من خلال معرفتى بنسبة كبيرة ممن ينشرن صورهن فى وسائل التواصل أعلم أنهن مطلقات ويحرصن على نشر صورهن يومياً بإبداع فى التزين وارتداء أفضل الملابس واختيار أفضل الأماكن للتصوير والتى تحظى بديكورات أنيقة.
سألت بعض معارفى من السيدات العليمات بالأمور عن فلانة وعلانة ولماذا تنتشر صورها فى كل المواقع خاصة ما تنشره من الصور المتحركة أو التى تظهر خفايا جمال السيدات أو على البحر حيث الانطلاق والملابس الجذابة. كانت إجاباتهن تلخص الحالة الاجتماعية للسيدات خاصة وللرجال أيضاً أحياناً. إنهن صرن يتمتعن بحرية بعد طلاقهن كما أنهن يبحث عن زوج جديد.
كل ما فات لا بأس به، فالطلاق موجود فى كل المجتمعات كما أن البحث عن زوج أمر طبيعى ومشروع بل ومقبول تماماً، فليس من الطبيعى أن تعيش المرأة وحيدة أو يستمر الرجل فى الحياة مفرداً. يجمع علماء النفس على أن أهم عامل يؤثر فى حياة الرجال والنساء العقلية والنفسية هو العلاقة مع الجنس الآخر، بل إن سيجموند فرويد العالم النفسانى الكبير يؤكد أن هذه العلاقة بين الجنسين هى الحافز الذى يدفع البشر إلى جميع ألوان النشاط الإنسانى وهى المحور الخفى الذى تدور حوله كافة أعمالهم.
فإذا ما سعدت المرأة أو الرجل فى العلاقة مع الجنس الآخر فإن الحياة تبتسم لهما وتزدهر قواهما ويتضاعف نشاطهما ويصفو ذهنهما ويقوى جسدهما، أما إذا شقى أحدهما فى حبه فإن الدنيا تسودّ فى عينيه ويقع فريسة للأمراض والعقد النفسية التى تودى بصحته العقلية والجسدية.
إن الزيجات الفاشلة موجودة وكذلك الزيجات الناجحة، والأمر ليس مرتبطاً على إطلاقه بالأحوال أو المشكلات الاقتصادية للزوجين، فكم من فقراء سعداء فى زيجاتهم، وكم من أغنياء تعساء، لكن المسألة ترتبط بالمواءمة العاطفية والاجتماعية للرجل والمرأة، فصورة أمير الأحلام لدى المرأة المتزوجة تستمر معها بعد الزواج فهى تريد أن ترى فى زوجها ذلك الرجل الذى كانت تحلم به ويجعلها تعيش فى جنة - ليس رجلاً محدداً- لذلك تقارن دوماً بين هذا الرجل وذاك الرجل الذى يعيش معها فتجد فارقاً لم تتوقعه.
ونفس الأمر ينطبق على الرجل الذى تسيطر على قلبه فتاة الأحلام التى طالما تصورها فى سنوات مراهقته والتى بنى على صورتها فكرة الحب والزواج والتى تصل أحياناً إلى تصور أن المرأة أسمى من الملائكة وأن زوجته ستكون واحدة منهن؛ تتنازل لكى تتزوجه.
هذه الصور محض خيال غير سوىّ لأن هؤلاء الأشخاص لا يعشقون امرأة بعينها إنما يعشقون الحب للحب ذاته، يعشقون فيه كل الصور الرومانسية الجميلة التى حلموا بها.
بعد الزواج يتعثرون فى حبهم بعدما يعيشون الحقيقة وأن ليس كل ما تخيلوه واقعياً، ويتقلبون فى عواطفهم التى يجدون أنها وُضعت فى غير موضعها الصحيح وأن الشخص الذى استقرت عليه تلك العواطف لم يكن جديراً بها يوماً، لقد كان لديهم طفولة عاطفية لم تصمد أمام عواصف الحياة العاتية.
إن النجاح فى الزواج لا يتوقف فحسب على الشريك الذى نختار أو على أحوال الزواج الاقتصادية بقدر ما يتوقف على شخص الزوج أو الزوجة، فالفشل لا تصنعه الشياطين ولا النجاح هبة من السماء وإنما يتوقف الأمر على قدرة الزوجين على التعاون والجدية فى الرغبة فى تجاوز المشكلات والأزمات ومواجهة الحياة بحلوها ومرها يداً واحدة.