منذ عقود مضت كان فيروس سى يعتبر أحد الأمراض المنتشرة بقوة، وليس هذا فحسب، بل أصبح من أخطر الأوبئة التى أصابت ملايين المصريين؛ مرض لعين يسمى التهاب الكبد الفيروسى الذى يُعرف باسم «فيروس سى». للأسف كان هذا المرض يفتك بأصحابه، وظل سبباً فى أن تكون بكل بيت من بيوتنا جنازة لأحد مصابى هذا المرض. سبّب لنا هذا المرض الحزن وفقدان الأمل فى حياة كريمة لا يمكن أن تتحقق مع هذا المرض.
رسمت الدراسات والإحصائيات صورة كارثية، حيث كانت هناك إصابة لمواطن واحد من كل خمسة، ومع قلة الإمكانيات فى المستشفيات فى توفير العلاج، كنا نشاهد المواطنين أصحاب هذا المرض يملأون طرقات المستشفيات، يعانون أشد المعاناة من الألم، وينتظرون أياماً، بل شهوراً للحصول على علاج لا يشفى نهائياً، بل يُقلل حدة الألم ليس أكثر.
لكن أتى يوم لم نكن نحلم به، ولم يأتِ فى خيال أحد، وهو يوم إعلان مصر خالية من هذا الفيروس القاتل. عندما تم إعلان هذا الخبر رأيت فرحة وحلماً حقيقياً فى توفير حياة كريمة تدخل بيوتنا والأمل الحقيقى فى حياة بدون مرض وبدون ألم وحزن، لأنه أصبح مرضاً نهايته فقدان عزيز وغالٍ فى كل بيت، سيظل حلماً وإنجازاً لن يُقدّره إلا من كان يعانى ألم هذا المرض، وشاهد دموع وحزن أهل كل مريض.
ذلك اليوم الذى أعلن فيه السيد رئيس الجمهورية عن إطلاق مبادرة (100 مليون صحة)، التى تم إطلاقها للقضاء على فيروس سى عام 2018 وليس هذا فحسب، بل توفير العلاج والمستلزمات الخاصة بالفحص المجانى فى أكثر من 160 مركزاً لعلاج الفيروسات الكبدية، حيث تأتى هذه المبادرة بأكبر مسح شامل للكشف عن فيروس سى لأكثر من 60 مليون مصرى وبالمجان، بل لا يستطيع أحد أن ينكر هذا المجهود والإصرار من قيادة سياسية نحو توفير العلاج لكل المواطنين المصابين بفيروس سى والقضاء على هذا المرض اللعين فى أقصر وقت ممكن، وأن يكون الوطن آمناً، بعد أن كانت مصر تحتل أعلى معدلات الانتشار لفيروس سى فى العالم.
مع شفاء ملايين المصريين من هذا المرض الفتّاك نشهد شهادة حق بأن مبادرة (100 مليون صحة) تعتبر من أكثر وأعظم المبادرات الصحية، بل واحدة من أهم الإنجازات التى يشهد لها الجميع داخل مصر وخارجها، والتى قُدّمت من رئيس يضع صحة هذا الشعب الأصيل من أهم أولوياته.
وتأتى ثمار هذه المبادرة اليوم. ويشهد العالم كله أحد الإنجازات والنجاحات فى أحد الملفات، وهو الحفاظ على صحة الإنسان، لذا يجب علينا أن نتذكر يوم 9 أكتوبر 2023، وهو أحد الانتصارات التى تُحسب للدولة المصرية، حيث قامت منظمة الصحة العالمية بتسليم مصر شهادة بخلوها من فيروس سى كأول دولة فى العالم تكون خالية من مرض كان سبباً فى حزن الملايين من الأسر المصرية.
وسنظل دولة صامدة بجهد قيادة سياسية حكيمة وإرادة شعب سيظل يحافظ على هذه الدولة، نتغلب على الصعوبات وننتصر بإرادة مصرية وسنظل ننتصر وننتصر.