الدول كيانات اعتبارية لها ملامح كما البشر، ولكل دولة هيبتها بحجم ما تمثله في العالم أو في منطقتها أو المجال المحيط بها . كانت هيبة مصر في ظل حكم جماعة الإخوان قد تراجعت إلى درجة باتت تهدد مكانة مصر وتاريخها وحضارتها التي صمدت على مدى آلاف السنين . حكم مصر أنس لا يعرفون قدرها وتعاملوا معها باعتبارها أحد الأقطار ضمن أقطار أخرى عديدة على أساس أنها جزء من عالم إسلامي كبير . في الواقع أن هذا العالم الإسلامي الذي توهموه ليس موجودا بالشكل أو القيمة التي كان عليها منذ قرون تتجاوز العشرة قرون .
إن تعبير هيبة الدولة واستقرار معناه لدى الناس والدول يعني الاحترام والتوقير والثقة في امتلاك الدولة المهيبة المكانة والقدرة على فرض احترامها واحترام مواطنيها على الآخرين سواء كانوا دول أو أفراد أو كيانات . هيبة مصر شعور راسخ داخل قلوب وعقول المصريين منذ بزوغ فجر حضارتهم ، ولا يقتصر الأمر على المصريين بل على دول العالم أجمع ، فإذا كانت الهيبة لدى بعض الدول تعبر عنها الثقافة والحضارة المصرية ، فإن دولا أخرى تلمس هيبة مصر في قوتها وقوة جيشها وفضلها على محيطها .
شهدت مصر خلال حكم الإخوان يونيو 2012 – يونيو 2013 تراجعا لهيبة الدولة المصرية واهتزازا لصورتها في محيطها وبين دول العالم الأخرى . من مؤشرات هذا التراجع ما حدث في مايو 2013 في حادث اختطاف جنود مصريين في سيناء وخلال فترة الاختطاف وبعد إطلاق سراح الجنود كانت سمعة الدولة قد تأثرت كثيرا خاصة أنه شاب عملية إطلاق السراح شكوك بشأن وجود اتفاق او على الأقل تفاهم بين الخاطفين وبين أجهزة رسمية تتبع نظام الحكم في ذاك الوقت .
افتقدت مصر في ظل حكم الإخوان لرجال الدولة بالمعنى الذي يعرفه العالم من خلال أدبياته وتقاليده ، رجل الدولة الرصين الذي يمثل إضافة بإمكانياته إلى دولته ووطنه . لم يكن هناك من الشخصيات التي وجدت في ذلك الوقت من تتوفر فيه هذه السمات ، من ثقافة وخبرة عميقة ، وامتلاك خطاب واثق وقور ، وهي سمات وصمت عهد حكم الإخوان الذين حرصوا على الانتقام من الآخر وسجن الجميع قدر ما استطاعوا ومطاردة آخرين في الداخل والخارج .
كان احتيار الوزراء أو النواب من أفراد لا يمتلكون الخبرة أو المعرفة الكافية حتى بأصول التعامل سواء في الحكومة أو البرلمان .
كانت ثورة 30 يونيو وتلبية مطالب الشعب نهاية لهذه الصورة من افتقاد هيبة الدولة .. لتعود مرة أخرى .. لأن الشعب أراد ان تعود . رفعت رشاد