فى مقاله بجريدة الأهرام (الخميس)، كشف اللواء الدكتور سمير فرج كيف تحول الموقف الأمريكى من رفض الاعتراف بـ«ثورة 30 يونيو» ووصفها بالانقلاب، إلى الإقرار بشرعيتها و«الاستسلام» لإرادة الشعب المصرى.
أشار اللواء «فرج» إلى لقاء جمعه عام (2014) و«مادلين أولبرايت»، وزيرة الخارجية الأمريكية طوال الفترة الرئاسية الثانية (يناير 1997 - يناير 2001) للرئيس الأسبق «بيل كلينتون» والتى كانت تشغل -آنذاك- منصب رئيس إحدى المجموعات الاستشارية للرئيس الأمريكى الأسبق «باراك أوباما» المعروفة بالـ«Think Tank» لمعاونته فى اتخاذ القرارات المهمة.
قالت «أولبرايت»، خلال اللقاء، إن الرئيس «أوباما» كلفها بدراسة أهم موضوعين يخصان السياسة الخارجية الأمريكية، فى الفترة اللاحقة، تمهيداً لاتخاذ الإدارة الأمريكية عدداً من القرارات المصيرية بشأنهما، الموضوع الأول ما يحدث فى منطقة «البلقان»، وتحديداً فيما يتعلق بضم روسيا لشبه جزيرة «القرم» إلى أراضيها، أما الموضوع الثانى فكان سؤالاً مباشراً لتوصيف ما حدث فى مصر، وتحديد إن كان انقلاباً قام به «السيسى» لإزاحة الإخوان من السلطة؟ أو ثورة شعبية أيَّدها وساندها الجيش؟
وأشارت إلى أنها استهلت بحثها بالاطلاع على الورقة البحثية التى قدَّمها الرئيس السيسى، أثناء دراسته بكلية الدفاع الوطنى، (NDC)، بالولايات المتحدة، وكانت عن الديمقراطية فى دول العالم الثالث، وهو ما يعنى أنه (السيسى) مؤمن منذ بداية حياته العسكرية بأهمية الديمقراطية، ثم أضافت أنها تابعت أول قرارات الرئيس السيسى بعد توليه الحكم برفع الدعم عن المحروقات، وهو القرار الذى تأخر -حسب قولها- لأكثر من 40 عاماً فى مصر، خشية المعارضة الجماهيرية، مما أكد لها أنه «Reformer»، أى إصلاحى، وكررت الوصف أكثر من مرة.
وأضافت «أولبرايت»: لو كان الرجل قادماً على رأس انقلاب لفعل ما يفعله الانقلابيون بمحاولة استمالة الشعب بقرارات شعبوية. والأهم من ذلك أن الشعب وافقه على قراراته، رغم صعوبتها، ولم يواجهها بالرفض، أو بالمظاهرات، مما أكد لها، وللمجموعة، أن ما حدث فى مصر ثورة شعبية، انحاز لها الجيش، وهو ما رفعته فى تقريرها النهائى للرئيس أوباما.
ما كشفه اللواء «فرج» أعادنى بالذاكرة أحد عشر عاماً إلى الوراء، ومر أمامى مشهد رد الفعل الأمريكى على ما حدث فى مصر وكأنه شريط سينمائى سريع الإيقاع، وفى الوقت نفسه كان مباغتاً -أو مرتبكاً- فى تحولاته، بداية من البيان المدوى الذى أصدره «أوباما» فى (3 يوليو 2013) مطالباً بـ«عنجهية» بضرورة نقل السلطة فى مصر للمدنيين، مروراً ببيان لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الصادر بعد يومين فقط فى (5 يوليو)، والذى أكدت من خلاله أن «الإخوان المسلمين» فشلوا فى فهم الديمقراطية بشكل حقيقى، وانتهاء بما جرى خلال الأيام التالية، وتزحزح موقف الإدارة الأمريكية تدريجياً نحو قبول الوضع الجديد، وبيان البيت الأبيض فى (6 يوليو 2013) حول لقاء الرئيس الأمريكى بمجلس الأمن القومى، والتأكيد على رفض الولايات المتحدة الادعاءات التى تشير إلى مساندتها أى حزب أو شخص أو طرف فى مصر.
وفى (15 يوليو 2013) وصل «ويليام بيرنز»، نائب وزير الخارجية الأمريكى، إلى مصر فى أول زيارة لمسئول كبير بعد نجاح الثورة، وقال إنه لا يحمل حلولاً أمريكية، ولم يأتِ لنصح أحد، أو ليفرض نموذجاً أمريكياً للديمقراطية على مصر.
وكانت هذه التصريحات بمثابة الصدمة للجماعة الإرهابية فى الموقف الأمريكى الذى كانوا يعولون عليه بشكل كبير، اعتماداً على أن الولايات المتحدة هى اللاعب الدولى الرئيسى الذى ظل مراهناً على الجماعة حتى النفَس الأخير.
وفى (18 يوليو 2013) أكد «جون كيرى»، وزير الخارجية الأمريكى، خلال زيارته للأردن، أنه من الصعب وصف ما حدث فى مصر بالانقلاب، حيث إن الجيش المصرى جنَّب البلاد حرباً أهلية.
المؤكد أن «واشنطن» حاولت إنقاذ جماعة الإخوان الإرهابية من السقوط، بعد أن ساعدتها فى «السطو» على حكم مصر، ولكنها «استسلمت» للأمر الواقع، بعد أن اصطدمت بقوة إرادة الشعب المصرى، وصلابة موقف «القائد» عبدالفتاح السيسى.. هكذا قرأت ما كشفته «مادلين أولبرايت» للواء سمير فرج