فى الوقت الذى تتزاحم فيه الأحداث وهى تداهمنا بلا رحمة هذه الأيام، حتى باتت الشاشات التليفزيونية، موجعة أخبارها، يكمن الرعب فيها من كل الزوايا: فى السودان حرب أهلية، يقاتل فيها الأخ أخاه، وفى غزّة يسيطر الرعب على أنحاء القطاع، فيصبح النوم الهادئ أقصى ما يتمناه الفرد هناك، حين انهارت الدولة فى السودان، وحل الرعب محل الأمان، هرب الجمع، فى هذا الوقت تهل علينا ذكرى 25 يناير ليتبارى الجمع بين كونها عيداً للثورة، أو عيداً للشرطة، عن نفسى هى عيدٌ لى، لأن فى الدولة -مصر- شرطة استطاعت أن توفر لى الأمن والأمان.
أن أحتفل بعيد الشرطة، فأنا لا أحتفل بها بمعزل عن احتفالى بأمنى وسلامتى، بأمانى وراحتى، وأنا أكون مجحفة فى حق نفسى لو اعتبرت الاحتفال بعيد الشرطة قصراً على يوم 25 يناير من كل عام، وهو اليوم الذى استبسلت فيه الشرطة المصرية ضد قوات الاحتلال الإنجليزى بالإسماعيلية الذى أراد تسليم أسلحتها وطردها من مواقعها آنذاك فى العام 1952، فرفض أفراد الشرطة المصرية الانصياع لأوامر الاحتلال، وخاضوا ضده معركة الشرف والفداء، إنما أعتبر كل يوم يمر علىّ وأنا آمنة فى بيتى، فى طريقى منه وإليه، مطمئنة على إخوتى وأسرتى، على أحبابى وصُحبتى عيداً جديداً، وأى عيد يضاهى عيد الأمن والأمان، لذلك كله أجدد التهنئة والامتنان، لكل عنصر شرطى وقف وبذل من الجهد ما وفّر لى كل هذا الأمان.
فى كل يوم يمر علينا فى مصر بالأمان، علينا وعلى الأشقّاء الذين هرعوا إلينا من سوريا وليبيا واليمن والسودان والعراق، ينشدون الأمن عندنا والأمان، هو لى يوم عيد، عيدى الذى ألبسته زى الشرطة، صار عيداً لأخى الضابط فى الأمن العام، ولابن عمى ضابط الإطفاء، وقريبى ضابط أمن الدولة الذى يحمينى من مكائد الأعداء.
إن قوة أى مجتمع لا تكتمل إلا بوجود ركيزة أساسية هى الأمن، إذ يعتبر الأمن عموداً فقرياً للتنمية الشاملة فى المجتمعات. ويمثل الشعور بالأمن مصدر إلهام للأفراد ودافعاً للمشاركة الفعّالة فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولا يشعر الفرد بالثقة فى مستقبله ومستقبل أسرته دون أن تحوطه بيئة آمنة.
كما يعتبر الأمن حقاً أساسياً يجب على الدولة توفيره. ويشمل هذا الحق الحماية من التهديدات، ومن هذه الزاوية كانت الشرطة المصرية هى ذراع الدولة المٌقدّس الذى يضمن لشعبها حياة مستقرة، فلا دولة من دون أمن، الأمن والدولة صنوان.. ومن ذلك كان أمن الدولة بمثابة القلب من الجسد، لا يفترقان، إلا بالموت، نسأل الله السلامة لبلادنا وأن تحيا مصر، دوماً.. بالأمن والأمان، والسلام.
حقاً.. يمثل الأمن حجر الزاوية فى بناء المجتمعات وقواتها، فهو عنصر أساسى لضمان استقرار وتنمية المجتمع، إذ يعكس شعوراً بالحماية والثقة بين الأفراد، ما يؤدى إلى تعزيز التفاعل الاجتماعى والاقتصادى. ويمكن فهم قيمة الأمن من خلال فحص تأثيره على مختلف جوانب حياة المجتمع، بدءاً من الاستقرار الأسرى وانتهاءً بالتطور الثقافى، فمن الناحية الاقتصادية -على سبيل المثال لا الحصر- يلعب الأمن دوراً حيوياً فى جذب الاستثمارات، فالمجتمعات التى تتمتع ببيئة آمنة تكون أكثر جاذبية للاستثمارات الخارجية، ما يسهم فى تعزيز الاقتصاد المحلى.
فى الختام، فإن قيمة الأمان لا يقتصر تأثيرها على مجال معين، بل تتسع لتشمل جوانب مختلفة فى حياة المجتمعات، ومن هنا كان عيد الشرطة عيداً لكل المصريين.