تأثرت كثيراً بحكايات الرفض، التى قد تنهى مستقبل إنسان، بلا رحمة تحبطه وتربكه خاصة لو كان يخطو أولى خطواته فى سبيل تحقيق أحلامه.
وعبر الزمن عانى العديد من أصحاب المواهب، منهم من تاه وتأثر وجرفته الحياة بعيداً عن ما أحب بسبب بعض البشر الذين كانوا عائقاً فى طريقه.. ومنهم من تحدى.. وأثبت للجميع أن الموهبة أقوى من أى رافض لها.. وأن الحياة تفتح أبوابها للمبدعين الأقوياء المؤمنين بما منحهم الله من قدرات ميزتهم.
وفى هوليوود الكثير من حكايات الرفض التى تحولت إلى قوة صنعت أيقونات سينمائية ووصلوا إلى قلوب الملايين فى العالم أجمع.
بينهم الممثل آل باتشينو، أسطورة التمثيل المعروف بانفعالاته وأدواره المؤثرة.. ولكنه على الرغم من موهبته واجه رفض المنتجين له فى بداياته.. ولكنه لم يستسلم.
كان يبلغ من العمر ٣٢ عاماً، عندما تم ترشيحه لدور مايكل كورليونى فى فيلم الأب الروحى الجزء الأول، ورفضه حينها جميع المنتجين للعمل ولكن تمسك به المخرج فرنسيس فورد كوبولا. وقتها تحدى الجميع من أجل قيام الممثل الشاب بالدور، ورفض كل الاختيارات الأخرى المطروحة مع أنها كانت لنجوم أكثر شهرة.
اجتهد آل باتشينو واستغل الفرصة جيداً ولم يخيب ظن «كوبولا» ليقوم بواحد من أفضل الأدوار فى السينما على مدار تاريخها.. وتتحول حياة الممثل المرفوض فى البداية.. ليصبح واحداً من أبرز الممثلين فى العالم عبر التاريخ. وترشح آل باتشينو لجائزة الأوسكار عن دوره فى الفيلم وانطلق بعدها فى مسيرة سينمائية مميزة حصد خلالها عدداً كبيراً من الجوائز، بينها الأوسكار عن دوره فى فيلم «عطر امرأة» عام ١٩٩٣.
تساءلت بعد مشاهدة معظم أفلامه.. كيف كان سيصبح مصير موهبة بحجم آل باتشينو لو كان انجرف بعيداً واستسلم لرفضه فى البداية؟ ومن الذى كان سيعوض مسيرته ويؤدى أدواره فى أفلام أيقونية مثل الأب الروحى بأجزائه الثلاثة، الوجه ذو الندبة، dog day afternoon، الرجل الأيرلندى، محامى الشيطان.. وغيرها.
أيضاً الممثل فان ديزل عانى من الرفض فى بداياته، فبعد انتهائه من الدراسة الثانوية بـ3 سنوات، انتقل إلى هوليوود، فى محاولة لبدء أولى خطوات تحقيق حلمه فى عالم صناعة الأفلام، لكن الشاب الحالم حينها لم يترك أى أثر واستمرت محاولاته لمدة عام كامل قوبلت جميعها بالرفض.
عاد «ديزل» بعدها إلى نيويورك حزيناً، ولكنه لم ييأس وبتشجيع من والدته بدأ فى صناعة أفلام قصيرة بنفسه.. أولها فيلم Multi-Facial عام 1995، الذى كتبه وأخرجه.. وتم تصويره فى 3 أيام فقط وكانت تكلفة إنتاجه 3 آلاف دولار فقط.
لم يدرك «ديزل» وقتها أن الفيلم سيعرض فى مهرجان «كان» فيما بعد وسيتم استقباله بحفاوة كبيرة مع الإشادة به.
وفى عام 1997، عاد «ديزل»، لينتج ويخرج ويكتب فيلمه الروائى الطويل الأول، Strays، بعد ستة أشهر من التصوير، تم قبول الفيلم فى مهرجان صندانس السينمائى عام 1997.
فى عام 1989 تلقى فان ديزل خبراً سعيداً، بعدما أراد المخرج ستيفين سبيلبرج مقابلته، ليعطيه دوراً فى فيلم Saving Private Ryan مع الممثل توم هانكس ومات ديمون.
ليصبح «ديزل» واحداً من صناع الأفلام أصحاب الجماهيرية الكبيرة ومن ضمن الأعلى أجراً فى العالم أجمع.
الفنان سيلفستر ستالونى أيضاً عانى فى بداية حياته من الرفض.. كان شاباً يحلم بدخول عالم صناعة الأفلام، كتب فيلم «روكى»، وقدمه للمنتجين إيروين وينكلر وروبرت تشارتوف، ولاقى السيناريو إعجابهما، وعرضا عليه 350 ألف دولار مقابل الحصول على النص، مع إعطاء دور البطولة لممثل له جماهيرية واسعة فى ذلك الوقت مثل روبرت ريدفورد أو جيمس كان.
لكن سيلفستر ستالونى رفض بيع السيناريو، وذلك على الرغم من احتياجه الشديد للمال.. حيث إنه لم يكن لديه سوى 106 دولارات فى البنك، ولم يكن يمتلك سيارة، حتى إنه كان يحاول بيع كلبه لأنه لا يستطيع تحمل تكاليف إطعامه.
رفض ستالونى العرض بسبب إصراره على قيامه ببطولة الفيلم الذى كتبه بنفسه. تحدى الجميع فى وقت لم يكن هو النجم صاحب الشعبية ولا الجماهيرية الكبيرة.. كان مغموراً وفى أشد الحاجة للمال.
مع إصراره وإيمانه بموهبته بالإضافة إلى قوة النص الذى كتبه وآمن به، أجبر المنتجين فى النهاية على الموافقة على قبول طلبه، بشرط عدم إعطائه أجراً على السيناريو، وتقليل ميزانية الفيلم إلى مليون دولار فقط.
وافق سيلفستر ستالونى، وفى يوم 3 ديسمبر 1976، تم طرح الفيلم بالسينما، وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وتخطت أرباحه حاجز الـ117 مليون دولار، ليصبح «ستالونى» نجماً جماهيرياً له شعبية كبيرة فى العالم كله.
وترشح «روكى» لـ10 جوائز أوسكار، حصد 3 منها كـ«أفضل فيلم، أفضل مونتاج وأفضل إخراج». وأثبت «ستالونى» بعدها موهبته للجميع، وكان إصراره للقيام بالدور هو الاختيار الأمثل لشاب موهوب حينها. ليكمل بعدها مسيرة سينمائية مختلفة شارك خلالها فى أكثر من ٩٠ فيلماً كممثل، بالإضافة لمشاركات أخرى فى الإنتاج والإخراج والكتابة.
ومن الذين تعرضوا للرفض فى بداياتهم، الأسطورة الراحل لاعب كرة السلة كوبى براينت.
«كوبى» عانى فى بداياته وطوال الوقت كان هناك الكثير من التشكيك فى موهبة الأسطورة الرياضية.. لكنه أثبت عكس ذلك بنجاحات مختلفة حققها فى عالم كرة السلة، كما حصد جوائز فى مجالات أخرى، بينها الأوسكار عن إنتاجه فيلماً وثائقياً. ليبهر نجوم هوليود كما أبهر نجوم الرياضة.
بعد وفاته كتبت صفحة أكاديمية «أوسكار»: «لقد شككوا أن الفتى قد يصنعها فى الدورى الأمريكى للمحترفين، وقد أثبت أنهم مخطئون، شككوا فى أنه يستطيع الفوز بالبطولة، وأثبت أنهم على خطأ، شككوا فى أنه من الممكن أن يصنع أفلاماً وقد فاز بجائزة الأوسكار، مثل كل الفنانين الكبار، أثبت كوبى أن المشككين مخطئون».
أمثلة عدة غيرهم لشخصيات كان لهم عظيم الأثر فى الحياة، وليس فى مجالات السينما والرياضة فقط، على الرغم من رفضهم والتشكيك فى مواهبهم وأفكارهم فى بدايتهم.. ولكنهم أثبتوا فى النهاية أن الإصرار على تحقيق النجاح أقوى من أى رافض ومشكك ومحبط.