تابعت مباريات أمم أفريقيا حتى نهايتها، والتى شهدت منافسات قوية بين منتخبات أبهرتنى وفاجأتنى داخل الملعب، أراها ستزيد من صعوبة البطولة فى السنوات القادمة بسبب أدائها شديد التطور، منذ اليوم الأول وحتى المباراة الأخيرة والتى فاز فيها منتخب كوت دى فوار صاحب الأرض على نيجيريا الخصم العنيد بنتيجة هدفين مقابل هدف.
أبرز ما لاحظته فى أمم أفريقيا هو صعوبة توقع نتائج مبارياتها، والمفاجآت التى استمرت فى معظمها حتى آخر لحظاتها، تطور اللاعبين على المستوى البدنى والفنى والمهارى، وزيادة كفاءة حراس المرمى، بالإضافة إلى خطورة منتخبات لم تكن تنافس من قبل مثل الرأس الأخضر والكونغو وغينيا وغينيا الاستوائية وغيرها، وجميعها أمور وجب التفكير فيها وفى حال منتخبنا المصرى الذى كان كالتائه فى قارة أصبحت أكثر شراسة داخل الملعب.
وبعد مشاهدتى للمباراة النهائية وحفل تسليم الكأس والجوائز على مقهى مزدحم بجلوس كبار وصغار، حرصوا على المتابعة على الرغم من خروج منتخبنا الوطنى مبكراً، دارت أحاديث حول كرة القدم والبطولة ومنتخبنا الوطنى وما ينتظره مستقبلاً، فطرحت سؤالاً على أصدقاء وأنا لست ناقداً رياضياً ولا أقوم بتحليل مباريات، وإنما كمشاهد أحزنته الخسارة ويأمل فى مستقبل أفضل لمنتخب مصر: ماذا لو.. اختار أبوجبل القفز ناحية الجهة اليسرى؟ أثناء ضربات الترجيح فى مباراتنا مع الكونغو، التى انتهت بهزيمتنا، فخرجت إجابات ساخرة من قبيل: «كانت لعيبة الكونغو هتشوط يمين»، وآخر قال «كنا هنخرج الماتش اللى بعده عادى» وغيرهما ردد: «لتحول أبوجبل إلى بطل شعبى أنقذ منتخبنا من السقوط فى دور الـ١٦».. وآخر أجاب: «كان فيتوريا كمل وكنا ضعنا بعد كده!»
فضحك الجميع، ثم طرح أحدهم سؤالاً أكثر خباثة وهو: ماذا لو لم يصب نجم منتخب مصر وليفربول محمد صلاح واستكمل مشواره مع المنتخب المصرى فى البطولة؟ فكانت الإجابات يائسة، لأن البطل هنا يواجه أشرس المعارك الكروية وأقوى المنتخبات الأفريقية داخل المستطيل الأخضر.
وكثرت أسئلة الـ ماذا لو؟ والافتراضات التى لا نتيجة لها، ولا طائل منها.. والتوقعات التى لا تؤدى إلى غير حزن كبير على حال منتخبنا المصرى الذى خرج مبكراً بأداء غير مرضٍ للجماهير، على الرغم من أنه الأكثر حصولاً على لقب بطولة أفريقيا برصيد ٧ مرات، آخرها عام 2010 بقيادة كابتن حسن شحاتة، وبهذا الأداء ومع تخبط روى فيتوريا لو كنا تخطينا المنتخبات للأدوار التالية، وقفز أبوجبل يساره وتصدى لضربات الخصم، فسيكون فوزاً بلا أداء، ونجاحاً وهمياً.
وكل ما حدث ودار قادنى لأردد «رُب ضرة نافعة»، فربما الهزيمة تعيدنا لبناء منتخب أقوى، نتدارك الأخطاء، ونفكر بطريقة أهدأ، فلن تعود الحياة للوراء، لكن تعطينا فرصاً لإعادة الترتيب من جديد، والتفكير فى أسباب الإخفاق والخسارة، وأن ما حدث قد يكون سبباً للتقدم والاستمرار ودافعاً للنجاح. لو تم التفكير فى أسبابها والعمل على تعديل الأخطاء مهما كانت كبيرة.
وأقرب مثال نتلقى منه الحكمة، هو منتخب كوت دى فوار نفسه، الذى كانت نتائجه سلبية فى دور المجموعات من البطولة نفسها بعدما حصد 3 نقاط فقط وصعد أفضل مركز ثالث، ولم يتوقع أحد تخطيه للنهاية، لكن بقرار بطولى تولى استكمال المهمة المدرب المساعد إيميريس فاييه بشكل مؤقت بعد إقالة جان لوى جاسيه، فأدار الأمور بموهبة وحكمة وذكاء، ففازت بلده باللقب، وحصد هو لقب أفضل مدرب فى البطولة.
الآن، المستقبل أمام منتخبنا لاستعادة اللقب داخل القارة السمراء، ولكن وجب البدء فى التخطيط الجيد لمنظومة كروية متطورة لبناء منتخب كرة قدم مصرى، بقيادة المدير الفنى الكبير حسام حسن، ونلتف جميعاً حوله مع مساعديه لقيادة منتخبنا الوطنى، ليفوز ببطولة أفريقيا للمرة الثامنة والتاسعة والعاشرة، وينافس أيضاً بقوة فى كأس العالم، يحقق السعادة للجماهير وهم فى أشد الحاجة بالفخر يوماً بمنتخبنا.
وحان الوقت أن يعمل الجميع بإخلاص دون حسابات شخصية ولا الدفاع عن الشللية، ولا المصلحة، أن نسامح كل من أخطأ ونعتبر كل ما سبق من أخطاء جاءت نتيجة قرارات عشوائية غير مقصودة وحسنة النية.. ونعيد الثقة لمحمد صلاح ورفاقه الموهوبين، وألا نقسو على كابتن حازم إمام وهو الذى أعطى لمنتخب مصر الكثير من قبل.
أن نشجع ونشيد ونهتف لكل المتألقين عمر مرموش وزيزو ومصطفى محمد وتريزيجيه وإمام عاشور والشناوى، وغيرهم من لاعبى المنتخب كما كنا نفعل مع صلاح فى كل الأوقات. على الإعلام أن يقدم الأفكار البناءة، والتشجيع من القلب، وألا نقسو على اللاعبين على منصات السوشيال ميديا، وكلى أمل أن يكتب الله لنا النجاح فى كل ما هو قادم. وتبدأ الرحلة الجديدة مع عقل حسام حسن الوطنى، أتمنى أن تكون الأنجح على الإطلاق.