البنت الأخت الأم الزوجة الحبيبة الطفلة الصبية الفتاة المرأة الجدة، الست كرمها الله، أصلها ثابت، لها حضور، أنفاسها حياة، تشبه المدينة، من أحبته امرأة فتحت له أبواب المدينة، من صاحب الست ورضاها ابتسم له الحظ، فى الصعيد.. الست ملكة الدار.. تتحكم فى غرفة الكرار.. من خلف أبوابها تميز بين الأقارب والأغراب.. الست فى الصعيد مصنع الرجال.. مدرسة الحضارة.. كلماتها نقش فى القلوب.. إذا هدأ البيت وسكن فمن الست، وإذا هجر أهل البيت فمن الست.. إذا غلبت الفرقة بين الإخوة فمن الست.. وإذا شق الخلاف الجدار فمن الست، وإذا عم الدفء وغلبت النظرة على الصوت فمن الست، وإذا ثأر وانتقم ونافق وازدجر فمن الست.
بها تقام المدن وتزدهر، ودونها يتشقق البنيان ويجف، إذا دخل سائح مدينة، واصطدم بسلوك المرأة، فاعلم أن المدينة فى خطر، هى الأرض وهى السحب وهى الشمس. هى عنوان الحضارات وهى الدليل والعبر، انظر إلى حالها ترصد حال المجتمع، إذا تبجحت واختل توازنها وعلا صوتها، إذا اشتكت وبكت وكفرت وتزلزلت، وزاغ بصرها، إذا تنازلت وفقدت عزمها، إذا سمعت أنفاسها، وزاد رجاؤها وجن مصيرها، إذا سكتت وغالبتها الحيرة، إذا تشتتت وجهتها، إذا صار السوق سوءاً، إذا احتلتها الغربة وهزمتها الحاجة! ينقلب حالها من ملكة بيتها إلى أسيرة جدرانه.
إذا تمردت عليها ابنتها وكسر نفسها ولدها، إذا هدم عليها باب أمنها ومكمنها، ينعدم إحساسها بنفسها وتهجر مرآتها، فاعلم أن صفحة المدينة تتهاوى، وإذا رجالها السبب وأنهم مذنبون! إذا انقلب حال الست فاعلم أن الرجل قتلها، فإذا وقف أمام القاضى، سيسأل عنها بأى ذنب قتلت؟!