مرت علينا أزمات عصيبة كثيرة، أزمات كُنا وصلنا فيها لفُقدان الأمل، أزمات عشنا فيها أحلك اللحظات، أزمات عشنا فيها أسوأ المواقف، كان الوضع مُزرياً والحال مائلاً وأعيننا كانت تذرف الدموع من ضيق ذات اليد والخوف من المستقبل.. تحملنا الكثير واعتصمنا بحبل الله -عز وجل- وجَمعنا شَملنا وربطنا بِطوننا واستقبلنا الصدمة وراء الصدمة، لم يتحمل همنا أحد غيرنا، لم يصمد أمام الأمواج العاتية إلا نحن، واجهنا المُتغيرات.. والنتيجة المبدئية: مرت الأزمة وراء الأزمة، وأصبحت أزماتنا مُجرد ماض وذكرى مؤلمة نتذكرها فى المواقف الأليمة.. والنتيجة النهائية: عاشت «مصر» رافعة رأسها وكرامتها مُصانة وشعبها صلب صلابة الحديد.الآن، يُعيد التاريخ نفسه، وتواجه «مصر» أزمة طاحنة فى الكهرباء منذ فترة قصيرة، أزمة أسبابها شائكة، أزمة تدخل فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصياً ووجه بتشكيل لجنة لإدارة الأزمة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء.. وقبل الدخول فى الأزمة تعالوا بنا نتحدث - بصراحة وبجرأة- عن الأسباب الحقيقية لأزمة الكهرباء التى نحن بصدد الحديث عنها، كُلنا يعلم بأن هناك تدفقات دولارية كانت تأتى لـ«مصر» كمورد للدخل القومى من قناة السويس، كانت هذه التدفقات الدولارية زادت خلال السنوات الـ (٦) الماضية بعد أن تم حفر قناة السويس الجديدة وأصبح عدد السفن والشاحنات التى تعبر القناة يومياً يصل إلى (٩٨) شاحنة بعد أن كانت (٤٩) شاحنة، وبعد الصراع الذى طرأ فى مضيق باب المندب ووجود مواجهات فى البحر الأحمر وهو ما سبب تهديداً مباشراً للملاحة فى البحر الأحمر، وبالتالى قلة عدد السفن والشاحنات القادمة لقناة السويس وبالتالى -أيضاً- أثر ذلك على دخل القناة الدولارى الذى نحتاجه لشراء المازوت والغاز المُستخدم فى محطات الكهرباء.ثقة فى الله وثقة فى الجهود التى يبذلها «الرئيس السيسى» وثقة فى تحركات الحكومة العاجلة وثقة فى أن الوضع الدولى الحالى فى مضيق باب المندب لن يستمر فى حالة توتُر لفترة أطول، فالبعض يريد توسيع الصراع وانتشاره لكن هناك أيضاً قوى عاقلة -مُمَثلة فى «مصر»- مؤمنة بضرورة نشر السلام ورفض توسيع الصراع وعودة الهدوء فى الشرق الأوسط، وبذلك تعود الملاحة هادئة كما كانت عليه فى مضيق باب المندب، وهو ما ينعكس على استمرار حركة الملاحة الهادئة فى قناة السويس.ستمُر أزمة الكهرباء وسنعتبرها (أزمة وعدت، مثلها مثل غيرها من الأزمات)، سنتحمل ونحن مُدركون بأنها ظرف طارئ سيمُر بمرور الوقت، سنتحمل ونحن مؤمنون بأن كل الجهود تُبذل وليس بيننا مُقصِر أو مُتكاسِل أو مُتغافل عن حلها، سنتحمل ونحن نعترف بالأزمة ولا نُخفيها ولا نُدارى عليها، سنتحمل ولا نختبئ ولن نترك المواطنين يضربون روؤسهم فى الحيطان ولا نقول لهم الحقيقة بل نقول لهم كل الحقيقة ولا نتعالى عليهم ولا نتكبر عليهم.. سنتحمل ونحن فى وسط الأزمة ونعتذر للمواطنين وندعوهم يتحملون المسئولية تجاه إحدى أزمات بلادهم، التى ستنتهى خلال أيام دون تقصير من أحد، لأنها أزمة طارئة وستمُر.. نعم أزمة ستمُر ونحن أقوياء وواعون ومُدركون بأن الأزمة لا بد أن نواجهها معاً.